للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ ذِكْرُ طَرَفٍ مِنْ خُطَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ

الْخُطْبَةُ الأُولَى: يَوْمَ الْفَتْحِ

لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ خَطَبَ النَّاسَ، فَرَوَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ، خَرَجَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِالْمِحْجَنِ فِي يَدِهِ، وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِهَا وَقَدِ اسْتَكَفَّ لَهُ النَّاسُ، فَقَامَ قَائِمًا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلا كُلُّ مَأْثَرَةٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ دَمٍ يُدَّعَى فَهُو تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، إِلا سِدَانَةَ الْبَيْتِ وَسِقَايَةَ الْحَاجِّ، أَلا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَأِ وَشِبْهَ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا.

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمَهَا بِالآبَاءِ، النَّاسُ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ مِنْ آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» .

ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: ١٣] إِلَى آخَرِهَا.

ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» .

ثُمَّ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَمِفْتَاحُ الْكَعْبَةِ فِي يَدِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْمَعْ لَنَا الْحِجَابَةَ مَعَ السِّقَايَةِ، فَقَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ؟»

<<  <   >  >>