للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي عَجَبًا.

قَالَ: مَا رَأَيْتَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَ آتِيًا أَتَانِي فِي مَنَامِي، فَهَيْنَمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا، ثُمَّ عَاوَدْتُ النَّوْمَ، فَعَاوَدَنِي يَقُولُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، ثُمَّ عَاوَدَنِي بِقَوْلِهِ، حَتَّى فَهِمْتُهُ وَحَفِظْتُهُ، وَهُوَ:

كَأَنِّي بِهَذَا الْقَصْرِ قَدْ بَادَ أهْلُهُ ... وَعُرِّيَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَنَازِلُهُ

وَصَارَ رَئِيسُ الْقَوْمِ مِنْ بَعْدِ بَهْجَةٍ ... إِلَى جَدَثٍ يُبْنَى عَلَيْهِ جَنَادِلُهُ

وَمَا أَحْسَبَنِي يَا رَبِيعُ إِلا وَقَدْ حَانَتْ وَفَاتِي، وَحَضَرَ أَجَلِي، وَمَا لِي غَيْرُ رَبِّي، قُمْ فَاجْعَلْ لِي غُسْلا، فَفَعَلْتُ، فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: أَنَا عَازِمٌ عَلَى الْحَجِّ.

فَهَيَّأْنَا لَهُ آلَةَ الْحَجِّ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْكُوفَةِ، فَنَزَلَ النَّجَفَ، فَأَقَامَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَمَرَ بِالرَّحِيلِ، فَتَقَدَّمَتْ نُوَّابُهُ وَجُنْدُهُ، وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْقَصْرِ، وَشَاكِرَيَّتَهُ بِالْبَابِ، فَقَالَ لِي: يَا رَبِيعُ جِئْنِي بِفَحْمَةٍ مِنَ الْمَطْبَخِ، وَقَالَ لِي: اخْرُجْ فَكُنْ مَعَ دَابَّتِي إِلَى أَنْ أَخْرُجَ، فَلَمَّا خَرَجَ وَرَكِبَ، رَجَعْتُ إِلَى الْمَكَانِ كَأَنِّي أَطْلُبُ شَيْئًا، فَوَجَدْتُهُ قَدْ كَتَبَ عَلَى الْحَائِطِ بِالْفَحْمَةِ:

الْمَرْءُ يَهْوَى أَنْ يَعِيشَ ... وَطُولُ عُمْرٍ قَدْ يَضُرُّهُ

تَفْنَى بَشَاشَتُهُ وَيَبْقَى ... بَعْدَ حُلْوِ الْعَيْشِ مُرُّهُ

وَتَصْرِفُ الأَيَّامُ حَتَّى ... مَا يَرَى شَيْئًا يَسُرُّهُ

كَمْ شَامِتٍ بِي إِنْ هَلَكْتُ ... وَقَائِلٌ لِلَّهِ دَرُّهُ

مَوْعِظَةُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لِلْمَنْصُورِ بِمَكَّةَ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَنْبَأنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُسْلِمٍ، إِجَازَةً، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ

<<  <   >  >>