للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْإِفْرَادِ

الْخِلافُ فِي جَوَازِ التَّمَتُّعِ وَالْقَرَانِ وَالْإِفْرَادِ.

وَالتَّمَتُّعِ هُوَ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَيَدْخُلَ مَكَّةَ، وَيَطُوفَ وَيَسْعَى، وَيَفْعَلَ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ وَيَتَحَلَّلَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَفْعَلُ أَفْعَالَ الْحَجِّ.

وَالْإِفْرَادُ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ مِنَ الْمِيقَاتِ، ثُمَّ يَقِفَ بِعَرَفَةَ، وَيَفْعَلَ أَفْعَالَ الْحَجِّ، فَإِذَا تَحَلَّلَ خَرَجَ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَفَعَلَ أَفْعَالَهَا.

وَالْقِرَانُ: أَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَيَطُوفَ لَهُمَا وَيَسْعَى.

وَكُلٌّ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ: فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ فِي آخَرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَنْصُرُونَهُ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ.

وَعِنْدَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَدَاوُدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ.

وَمَنْبَعُ الْخِلافِ مِنْ ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: اخْتَلافُ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجِّهِ، هَلْ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ أَوْ أَفْرَدَ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى الْأَفْضَلَ فِي فَرْضِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْقِرَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْأَصْلُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْأَصْلُ الْإِفْرَادُ، وَالْقِرَانُ وَالتَّمَتُّعُ رُخْصَةٌ.

<<  <   >  >>