للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَيَنْوِي الْإِحْرَامَ بِقَلْبِهِ وَيُلَبِّي، فَإِنْ لَبَّى أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إِحْرَامُهُ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا أَحَرَمَ بِهِ وَيَشْتَرِطُ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلانِي فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْ مِنِّي وَمَحَلِّي حَيْثُ حَبِسْتَنِي.

فَعِنْدَنَا وَعِندَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا اشْتَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ أَنَّهُ إِذَا مَرِضَ تَحَلَّلَ، جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ عِنْدَ وَجُودِ الشَّرْطِ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ لا تَأْثِيرَ لَهُ، فَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: لا يَسْتَفِيدُ التَّحَلُّلَ أَصْلا.

وَيَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِنَا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟» قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَانِي إِلا وَجِعَةً.

فَقَالَ لَهَا: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ".

وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَزَادَ فِيهِ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَكِ» .

وَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الْمَرَضَ لا يُبِيحُ لِلْمُحْرِمِ التَّحَلُّلَ إِلا أَنْ يَكُونَ قَدِ اشْتَرَطَ، خِلافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: الْمَرَضُ يُبِيحُ التَّحَلُّلَ.

وَلَوْ كَانَ يُبِيحُ لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهِ هَذَهِ الْمَرْأَةَ بِالاشْتِرَاطِ مَعْنًى.

فَإِنْ قَالُوا: فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَنَا أَنْ لا يَلْزَمَهَا الْهَدْيُ، وَلَوْ لَمْ تَشْتَرِطْ لَزِمَهَا.

قُلْنَا: الْحُكْمُ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّرْطِ التَّحَلُّلُ، وَلَمْ يَجْرِ لِلْهَدْيِ ذِكْرُهُ ثُمَّ عِنْدَكَمْ يَجُوزُ لَهَا التَّحَلُّلُ قَبْلَ الْهَدْيِ فَمَا قُلْتُمْ بِالْحَدِيثِ.

<<  <   >  >>