للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن فسر الآية بهذا قال: لا بد أن يتوب منه بخلاف من فسره بالمقدمات، فإنه لم يشترط توبة.

[[تصحيح ابن رجب للقولين]]

• والظاهر أَن القولين صحيحان، وأَن كليهما مرادٌ من الآية، وحينئذ فالمحسن هو من لا يأتي بكبيرة إلا نادرًا ثم يتوب منها، ومن إذا أَتى بصغيرة كانت مغمورة في حسناته المكفرة لها، ولا بد أن لا يكون مصرًّا عليها كما قال تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١).

* * *

وروي عن ابن عباس أَنه قال: ولا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار" (٢). وروي مرفوعًا من وجوه ضعيفة (٣).

* * *

وإذا صارت الصغائر كبائر بالمداومة عليها فلا بد للمحسنين من اجتناب المداومة على الصغائر؛ حتى يكونوا مجتنبين لكبائر الإثم والفواحش.

وقال الله عز وجل: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (٤).

* * *

• فهذه الآيات تضمنت وصفَ المؤمنين بقيامهم بما أوجب الله عليهم من الإيمان والتوكل، وإقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله، والاستجابة لله في جميع طاعاته، ومع هذا فهم مجتنبون كبائر الإثم والفواحش.

فهذا هو تحقيق التقوي.


(١) سورة آل عمران: ١٣٥.
(٢) ا، ر: "إصرار .. استغفار".
(٣) انظر الشهاب ٢/ ٤٤ ح ٨٥٣ وهامشه. والمقاصد الحسنة ح ١٣٠٨، وكشف الخلفاء ٢/ ٣٦٤ - ٣٦٥، والتمييز ح ١٦٠٥ والدرر ح ٤٥٥، وأسنى المطالب ح ١٧٠٨.
(٤) سورة الشوري: ٣٦ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>