للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه وآله وسلم قال: "لا يحقرْ أحَدُكُمْ نَفْسَهُ، قالوا: يا رسول الله! كيفَ يَحْقِرُ أحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قال: يرَى أمرًا للهِ عليه فيه مَقَالٌ ثُمَّ لا يقولُ فيه، فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما مَنَعَكَ أن تقولَ في كذا وكذا؟ فيقولُ خَشْيَةُ الناس، فيقول الله: فَإياي كنت أحقَّ أن تخشى (١).

فهَذان الحديثان محمولان على أن يكون المانِع له من الإنكار مجردَ الهيْبةِ دونَ الخوفِ المسقِطِ للإنكار.

قال سعيد بن جُبَيْر: قُلتُ لابن عباس: آمرُ السلطانَ بالمعروف، وأنهاه عن المنكر؟ قال: إن خفتَ أن يقتلكَ فَلا، ثم عدتُ فقال لي مثْلَ ذلك، ثم عدتُ فقال لي مِثلَ ذلك، وقال: إن كنتَ لابدَّ فاعلا ففيما بينَكَ وبينَه".

• وقال طاووس: أتى رجل ابنَ عباس فقال: ألا أقومُ إلى هذا السلطان فآمَره وأنهاه؟ قال لا تكن له فتنة.

قال: أفرأيت إن أمرنى بمعصية الله؟ قال: ذلك الذي تريدُ؛ فكنْ حينئذ رجلا.

• وقد ذكرنا حديث ابن مسعود الذي فيه. "يخلف من بعدهم خُلُوفٌ، فَمنْ جاهدهم بيده فهو مؤمن .... " الحديث.

وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد.

وقد استنكر الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبى داود وقال: هو خلاف الأحاديث التي أمر فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر على جور الأئمة.

وقد يجاب عن ذلك بأن التغييرَ باليد لا يستلزم القتال.

• وقد نص على ذلك أحمد أيضًا في رواية صالح فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح.

وحينئذٍ: فَجِهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات، مثل أن يُريقَ خمورهم، أو يكسر آلات الملاهي التي لهم ونحو ذلك، أو يبطلَ بيده ما أمَروا به من الظلم إن كانَ له قُدْرَةٌ على ذلك.


(١) أخرجه ابن ماجه في الموضع السابق عقب الحديث المذكور ح ٤٠٠٨ من طريق أبي كريب، عن عبد الله بن نمير وأبي معاوية عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد فذكره.
وأورده البوصيري في مصباح الزجاجة ٢/ ٢٩٨ وقال: إسناده صحيح وأبو البختري، اسمه: سعيد بن فيروز وفي ا، ب: "فيقول: إياي" وفي السنن: "فيقول: فإياي".

<<  <  ج: ص:  >  >>