للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامسة: علامة ضعفه، ومن ذلك هذه الثلاث.

السادسة: أن إخلاص الخوف لله من الفرائض.

السابعة: ذكر ثواب من فعله.

الثامنة: ذكر عقاب من تركه.

باب قول الله تعالى {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} الآية [آل عمران: ١٧٥]

هذا الباب عقده المصنف رحمه الله لوجوب تعلق الخوف والخشية بالله وحده، والنهي عن تعلقه بالمخلوقين، وبيان أنه لا يتم التوحيد إلا بذلك.

ولا بد في هذا الموضع من تفصيل يتضح به الأمر ويزول الاشتباه.

اعلم أن الخوف والخشية تارة يقع عبادة، وتارة يقع طبيعة وعادة وذلك بحسب أسبابه ومتعلقاته.

فإن كان الخوف والخشية خوف تأله وتعبد وتقرب بذلك الخوف إلى من يخافه وكان يدعو إلى طاعة باطنة وخوف سري يزجر عن معصية من يخافه كان تعلقه بالله من أعظم واجبات الإيمان، وتعلقه بغير الله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؟ ؛ لأنه أشرك في هذه العبادة- التي هي من أعظم واجبات القلب- غير الله مع الله، وربما زاد خوفه من غير الله على خوفه لله.

وأيضا فمن خشي الله وحده على هذا الوجه فهو مخلص موحد، ومن خشي غيره فقد جعل لله ندا في الخشية، كمن جعل لله ندا في المحبة؛ وذلك كمن يخشى من صاحب القبر أن يوقع به مكروها، أو يغضب عليه فيسلبه نعمة أو نحو ذلك، مما هو واقع من عباد القبور.

وإن كان الخوف طبيعيا كمن يخشى من عدو أو سبع أو حية أو نحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري، فهذا النوع ليس عبادة، وقد يوجد من كثير من المؤمنين ولا ينافي الإيمان.

وهذا إذا كان خوفا محققا قد انعقدت أسبابه فليس بمذموم.

وإن كان هذا خوفا وهميا كالخوف الذي ليس له سبب أصلا، أو له سبب ضعيف فهذا مذموم يدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ صلى الله عليه وسلم من الجبن فهو من الأخلاق الرذيلة، ولهذا كان الإيمان التام والتوكل والشجاعة تدفع هذا النوع، حتى أن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمنا وطمأنينة لقوة إيمانهم وشجاعتهم الشجاعة القلبية، وكمال توكلهم، ولهذا أتبعه بهذا الباب.

<<  <   >  >>