للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زوجها أقامت إن شاءت حولاً، ولها السكنى، والنفقة، فنسخ ذلك آية

الميراث.

وقال عبد الملك بن حبيب: كانت الحرة المتوفى عنها زوجها تخير

بين أن تقيم في بيته، وينفق عليها من ماله سنة، وبين أن تخرج، فلا يكون

لها شيء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث.

وليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها؛ لأن الناسخ يتاخر نزوله

عن المنسوخ، فكيف يكون نزولها متأخراً، ثم توضع في التأليف قبل ما

نزلت بعده ناسخة له من غير فائدة في لفظ ولا معنى؟

واحتجوا لذلك بأن المكي قد يؤخر عن المدنى في السور، وليس هذا مثل ذلك، وليس في تقديم السورة، وتأخيرها شيء من الإلباس بخلاف الآيات.

وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمةُ المتأخرةَ؟

قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل كقوله

تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ) مع قوله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السمَاءِ) .

والذي قال غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، وقد تقدم أن قوله عز وجل: (فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) نزل بعد قولهم: (مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) أي دُمْ على ذلك (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) .

وقد قيل: إن أول ما نزل في ذلك قوله عز وجل:

(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) .

قيل: أعلم الله نبيه ما هم قائلون، فقال: إذا قالوا ذلك فقل لهم: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) ، وقد تقدم أيضاً قوله: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) .

<<  <   >  >>