للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُحفظَ فيكَ، ثم تلا هذه الآية: (وَكَانَ أَبوهُمَا صَالِحًا) .

وقالَ عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: ما منْ مؤمنٍ يموتُ إلا حفظَهُ اللَّهُ في عقبِهِ وعقبِ عقبهِ.

وقال ابنُ المنكدرِ: إن اللَّهَ ليحفظُ بالرجلِ الصالح ولدَه وولدَ ولده

والدويراتِ التي حولَهُ، فما يزالونَ في حفظٍ من اللَّهِ وسترٍ.

ومتى كانَ العبدُ مشتغلاً بطاعةِ اللَّهِ، فإن اللَّهَ يحفظُهُ في تلكَ الحالِ، وفي

"مسندِ الإمامِ أحمدَ" عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ:

"كانتِ امرأةٌ في بيتٍ، فخرجتْ في سريَّة من المسلمينَ، وتركتْ ثنتي عشرة عنزا وصيصيتها كانتْ تنسجُ بِهَا، قالَ: ففقدتْ

عنزًا لها وصيصيتها، فقالتْ: يا ربِّ، إنَّكَ قد ضَمنتَ لمنْ خرجَ في سبيلِكَ أن تحفظَ عليهِ، وإنِّي قد فَقدتُ عنزًا من غنمِي وصيصيتِي، وإنِّي أنشُدُكَ عنزِي وصيصيتي ".

قالَ: وجعلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يذكر شدَّة مناشدتِهَا ربَّها تباركَ وتعالَى، قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:

"فأصبحت عنزُها ومثلُها، وصيصيتُها ومثلُها ".

والصيصيةُ: هي الصِّنارةُ التي يُغزلُ بها ويُنسجُ.

فمن حفظَ اللَّهَ حفظهُ اللَّهُ من كلِّ أذى.

قال بعضُ السلفِ: من اتقى اللَّهَ، فقد حفظَ نفسَهُ، ومن ضيَع تقواهُ، فقد ضيَّع نفسَهُ، واللهُ الغنيّ عنهُ.

ومن عجيبِ حفظِ اللَّه لمن حفظَهُ أن يجعلَ الحيواناتِ المؤذيةِ بالطبع حافظةً

له من الأذَى، كما جرى لسفينةَ مولَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حيث كُسرَ به المركبُ، وخرج إلى جزيرة، فرأى الأسدَ، فجعلَ يمشِي معهُ حتَّى دلَّه على الطريقِ، فلمَّا أوقفَهُ عليها، جعلَ يُهمهِمُ كأنَّه يُودِّعُهُ، ثم رجعَ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>