للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسمُ الثاني:

أن لا يعاقبَ في الدنيا بذنبهِ، بل سترَ عليه ذنبه، ويعافَى من عقوبتهِ.

فهذا أمرُه إلى اللَّهِ في الآخرةِ، إن شاءَ عذَّبه، وإن شاءَ عفَا عنهُ.

وهذا موافقٌ لقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) .

وفي ذلك ردٌّ على الخوارج والمعتزلةِ في قولِهم: إن اللَّه يخلِّدُه في النارِ إذا

لم يَتُبْ..

وهذا المستورُ في الدنيا له حالتان:

إحدَاهُما: أن يموتَ غيرَ تائبٍ، فهذا في مشيئة اللَّهِ، كما ذكرنا.

والثانيةُ: أن يتوبَ من ذنبهِ.

فقال طائفة: إنه تحت المشيئةِ - أيضًا.

واستدلُّوا بالآيةِ المذكورةِ، وحديثِ عبادةَ.

والأكثرونَ على أن التائبَ من الذنبِ مغفورٌ له، وأنه كمن لا ذنبَ له.

كما قال تعالى: (إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّل اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) ، وقال: (أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ من رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا) .

فيكونُ التائبُ حينئذ ممن شاءَ اللَّهُ أن يغفرَ له.

واستدلَّ بعضُهم - وهو: ابنُ حزمٍ - بحديثِ عبادةَ هذا على أن من أذنبَ

ذنبًا، فإنَّ الأفضلَ له أن يأتيَ الإمامَ، فيعترفَ عنده؛ ليقيمَ عليه الحدَّ، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>