للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلمْ أنّه يسَارُ بك في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فاحذرِ اللَّهَ والمقامَ بين يديه، وأن

يكونَ آخرَ عهدكَ به السلامُ ".

وكان عتبةُ الغلامُ يبكي بالليلِ ويقولُ: "قطعَ ذكرُ العرضِ على اللَّهِ أوصالَ

المحبينَ " ثم يحشرجُ البكاء حشرجةَ الموتِ ويقولُ: "تراك مولاي تعذِّبُ

محبَّك وأنتَ الحيُّ الكريمُ "

وباتَ ليلةً بالساحل قائِمًا يردِّدُ هذه الكلماتِ لا يزيدُ عليها ويبْكي حتى أصبح: "إن تعذِّبْني فإنِّى محبٌّ لك، وإن ترحمْني فإني محبٌّ لك ".

وكان كهمسُ يقولُ فى الليلِ: "أتراكَ تعذِّبنى وأنت قرةُ عينى يا حبيبَ

قلبَاه ".

وكان أبو سليمانَ يبْكي ويقولُ: "لئنْ طالبني بذنوبى لأطالبنَّهُ بعفوه، ولئنْ

طالبَني ببخلي لأطالبنَّه بجودِهِ، ولئنْ أدخلني النارَ، لأخبرنَّ أهلَ النارِ أنَّى

كنت أحبُّه ".

ومما يخافُه العارفونَ فواتَ الرِّضا عنهم، وإن وجَدُوا العفوَ أو تركَ

العقوبةِ، فإنَّ الرّضا أحبُّ إليهم من نعيم الجنةِ كلِّه مع الإعراضِ وعدمِ

التقريبِ والزُّلفى، وقد قال سبحانه وتعالى: (وَمَسَاكنَ طَيبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ

وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكبَرُ) يعني: أكبرَ من نعيم الجنةِ.

وفي "الصحيح " عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إنَّ اللهَ يقولُ لأهلِ الجنةِ: ألا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ من ذلكَ؟

قالوا: وما أفْضَلُ من ذلك؟

قال: أُحل عليكمْ رضْواني فلا أسْخطُ عليكم بعدَه أبدًا ".

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>