للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرَّج مسلمٌ في "صحيحهِ " من حديثِ حمَّاد بن سلَمَةَ: نا ثابتٌ، عن

أنَسٍ، أنَّ اليهودَ كانوا إذا حاضت المرأةُ فيهم لم يُؤاكلُوها ولم يُجامِعوهُنَّ في

البيوتِ، فسأل أصحابُ النبيَِّ - صلى الله عليه وسلم - النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) إلى آخرِ الآيةِ.

فقال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

"اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلا النكِّاحَ " -

وذكر بقيَّةَ الحديثِ.

فقولُهُ عزَّ وجلَّ: (وَيَسْألُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) ، أي: عن حُكمِهِ

والمباشرةِ فيه.

و"المحيضُ "، قيل: إنَّه مَصْدَرٌ كالحَيْضِ، وقيلَ: بل هو اسم للحيض.

فيكونُ اسمَ مصدرٍ.

وقولُهُ تعالى: (قُلْ هُوَ أَذًى) ، فُسِّر الأذى بالدَّمِ النَّجسِ وبما فيه

من القَذَرِ والنّتنِ وخروجهِ من مَخْرج البَوْل، وكل ذلك يُؤذِي.

قال الخطَّابيُّ: الأذي هو المكروهُ الذي ليسَ بشديد جدًّا، كقولِهِ: (لَن

يَضُرُوكُمْ إِلاَّ أَذًى) ، وقولِهِ: (إِن كانَ بِكمْ أَذًى مِن مَطَرٍ) ، قال: والمرادُ: أذًى يعتزِل منها مَوْضِعَه لا غيره، ولا يتعدَّى ذلك

إلى سائرِ بدنِها، فلا يُجْتنبْنَ ولا يُخْرَجْنَ من البيوت كفعلِ المَجُوسِ وبعض

أهلِ الكتابِ، فالمرادُ: أن الأذى بهنَّ لا يبلغ الحدَّ الذي يُجاوِزُونه إليه، وإنَّما يُجْتنب منهن موضحُ الأذى، فإذا تطهَّرنَ حلَّ غِشْيانُهنَّ.

وقولُهُ تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) ، قد فسَّره النبيُّ

- صلى الله عليه وسلم - باعتزال النكاح.

وسيأتي فيما بعدُ - إنْ شاء اللَّهُ تعالى - ذِكْرُ ما يَحْرُم من

<<  <  ج: ص:  >  >>