للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرشدُ: هو طاعةُ الله ورسولِه، قالَ اللهُ تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) .

وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في خطبتِهِ: "من يطع اللَّهَ ورسولَهُ فقدْ رَشَد، ومن يعصِ اللهَ ورسولَهُ فقد غَوَى".

والرشدُ ضِدُّ الغَيِّ، قال تعالى: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) .

فمن لم يكنْ رشيدًا فهوَ إمَّا غاوٍ وإمَّا ضال، كما قالَ تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) .

فالغاوي: من تعمَّدَ خلافَ الحقِّ، والضالُّ: من لم يتعمَّدْ.

والعزمُ نوعانِ: أحدُهما: عزمُ المريدِ على الدخولِ في الطريقِ، وهو من

البداياتِ.

والثانِي: العزمُ على الاستمرارِ على الطاعاتِ بعدَ الدخولِ فيها، وعلى

الانتقالِ من حالٍ كامل إلى حالٍ أكملَ منهُ، وهو مِنَ النهاياتِ، ولهذا سمَّى

اللَّهُ تعالى خواصَّ الرسلِ وهم أُولُو العزمِ، وهم خمسةٌ، وهم أفضلُ

الرسلِ، فالعزمُ الأولُ يحصِّلُ للعبدِ الدخولَ في كلّ خيرٍ والتباعُد من كلِّ شر

إذْ به يحصلُ للكافرِ الخروجُ من الكفرِ والدخولُ في الإسلامِ، وبه يحصلُ

للعاصِي الخروجُ من المعصيةِ والدخولُ في الطاعةِ، فإذا كانتِ العزيمةُ صادقةً.

وصمَّمَ عليها صاحبُها، وحملَ على هَوَى نفسِهِ وعلى الشيطانِ حملةً صادقةً

ودخلَ فيما أُمِرَ به من الطاعاتِ؛ فقد فازَ.

وعونُ اللَّهِ للعبدِ على قدرِ قوةِ عزيمتِهِ وضعفِهَا، فمنْ صمَّمَ على إرادةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>