للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبلِّغُ ذلكَ رسولُهُ عنه، فلا حاجةَ بعد هذا لأحدٍ في السؤال، فإنَّ اللَّهَ تعالى

أعلمُ بمصالح عبادِهِ منهم، فما كانَ فيه هدايتُهم ونفعُهُم فإنَّ اللَه لا بدَّ أن

يُبيَّنه لهُم ابتداءً من غيرِ سؤالٍ، كما قالَ: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) .

وحينئذٍ، فلا حاجةَ إلى السُّؤال عن شيءٍ، ولا سيما قبلَ وقوعِهِ

والحاجة إليه، وإنَّما الحاجةُ المهمةُ إلى فَهْم ما أخبرَ اللَّهُ به ورسولُه، ثمَّ اتباعُ

ذلكَ والعملُ به، وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن المسائلِ، فيُحيلُ على القرآنِ، كما سألَهُ عمرُ عنِ الكلالةِ فقال: "يَكفيك آيةُ الصيف ".

وأشارَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ إلى أنَّ في الاشتغال بامتثال أمرِه، واجتنابِ نهيه شغلاً عن المسائلِ، فقال:

"إذا نهيتُكُم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتُكُم بأمر، فأتوا منه ما استطعتُم ".

فالذي يتعيَّنُ على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ أن يبحثْ عمَّا جاء عن اللَّهِ

ورسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يجتهدُ في فهم ذلك، والوقوفِ على معانيهِ، ثم يشتغلُ بالتصديقِ بذلكَ إنْ كان من الأمورِ العلميَّةِ، وإن كان من الأمور العمليّة، بذل وسْعهُ في الاجتهادِ في فعلِ ما يستطيعُهُ من الأوامرِ، واجتنابِ ما يُنْهى عنهُ، وتكونُ همَّتُهُ مصروفةً بالكليَّة إلى ذلكَ، لا إلى غيرِه.

وهكذا كانَ حال أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والتابعينَ لهم بإحسانٍ في طلبِ العلمِ النافع منَ الكتابِ والسنةِ.

فأمَّا إنْ كانتْ همةُ السامِع مصروفةً عند سماع الأمرِ والنهي الى فرضِ

أمورٍ قد تقعُ، وقد لا تقعُ، فإن هذا مما يدخلُ في النَّهي ويثبِّطُ عن الجِدِّ في

<<  <  ج: ص:  >  >>