للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتخذُوا دِينًا لم يأذن اللَّهُ فيه.

فلهُم نصيب ممن قالَ اللَّهُ تعالى فيه: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِندَ الْبَيتِ إِلاَّ مُكَاءً

وَتَصْدِيَةً) ، والمُكاءُ: الصَّفيرُ، والتَصْديةُ: التصفيق باليدِ.

كذلك قالهُ عْيرُ واحدٍ من السلفِ.

وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) .

فإنه إنما يتقرَّبُ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ، بما يُشرعُ التقربُ به إليه على لسانِ

رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -.

فأمَّا ما نهى عنه، فالتقربُ به إليهِ مُضادَّةٌ للَّهِ عزَّ وجلَّ في أمره.

قال القاضي أبو الطيِّبِ الطبريُّ رحمه اللَّهُ في كتابِهِ في السماع: اعتقادُ هذه

الطائفةِ، مخالف لإجماع المسلمينَ، فإنه ليسَ فيهم منْ جعل السماعَ دِينًا

وطاعةً، ولا رأى إعلانَهُ في المساجدِ والجوامع، وحيثُ كانَ من البقاع

الشريفةِ، والمشاهدِ الكريمةِ.

وكان مذهبُ هذه الطائفةِ، مخالفًا لما اجتمعتْ عليه العُلماءُ، ونعوذُ باللَّهِ

من سوءِ التوفيقِ. انتهى ما ذكره.

ولا ريب أن التقربَ إلى اللَّهِ تعالى بسماع الغناءِ المُلَحَّنِ، لا سيَّما مع آلاتِ

اللهوِ، مما يُعْلمُ بالضرورةِ من دِينِ الإسلامِ، بلْ ومنْ سائرِ شرائع المسلمينَ.

أنه ليسَ مما يُتقرَّبُ به إلى اللَّهِ، ولا مما تُزكَّى به النفوسُ وتُطهَّرُ به.

فإنَّ اللَّهَ تعالى شرعً على ألْسِنَةِ الرسلِ كل ما تَزْكُو به النفوسُ، وتطهُرُ به من أدناسها، وأوضارِها، ولم يشرعْ على لسانِ أحد من الرسلِ، في ملَّةٍ من

المللِ، شيئًا من ذلك. وإنما يأمرُ بتزكيةِ النفوسِ بذلكَ، من لا يتقيدُ بمتابعةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>