للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجازَه أبو حنيفةَ وأصحابُهُ.

فأمَّا مسجدُ المدينةِ، فالمشهورُ عندنا وعند الشافعية أن حُكْمَهُ حكم مساجد

الحِلِّ.

ولأصحابِنا وَجْه: أنه مُلْحَقٌ بالمسجدِ الحرامِ؛ لأنَّ المدينةَ حَرَم، وحُكي عن

ابنِ حامدٍ، وقاله القاضي أبو يعْلى في بعضِ كتبِهِ.

وهذا بعيدٌ، فإنَّ الأحاديث الدالةُ على الجوازِ إنما وردت في مسجدِ المدينةِ

بخصوصِهِ، فكيفَ يمنع منه ويخصُّ الجوازُ بغيره؟

وقالتْ طائفةٌ: لا يجوزُ تمكينُ الكافرِ من دخولِ المساجدِ بحالٍ، وهذا هو

المرويُّ عن الصحابةِ، منهم: عمرُ، وعليٌّ، وأبو موسى الأشعريُّ، وعن عمرَ ابنِ عبدِ العزيزِ، وهو قولُ مالكٍ، والمنصوصُ عن أحمدَ، قال: لا يدخلونَ المسجدَ ولا ينبغي لهم أن يدخلُوهُم.

واستدلُّوا بقولِ اللَّهِ تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) .

وظاهرُهُ: يدلُّ على أنَّ الكفارَ لا يُمكنونَ من دخولِ المساجدِ، فإنْ دخلوا

أُخيفُوا وعُوقِبوا، فيكونونَ في حالِ دخولِهِم خائفينَ من عقوبةِ المسلمينَ لَهُم.

وقد رُوي عن عليٍّ، أنَه كان على المنبرِ فبَصُرَ بمجوسي، فنزل وضربَه

وأخرَّجَه.

خرَّجه الأثْرَمُ.

وعلى هذا القولِ، فأحاديثُ الرخصةِ قد تُحمَلُ على أنَّ ذلك قبلَ

النهي عنه، أو أنَّ ذلك كانَ جائزًا حيث كان يحتاجُ إلى تألفِ قلوبِهِم،

<<  <  ج: ص:  >  >>