للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلقَ الأرضَ من الماءِ، والجبالَ من موج الماء، وقال وهْب: أوَّلُ ما خلقَ

اللهُ تعالى مكانًا مظلِمًا، ثم خلقَ جوهرةً فأضاَءتْ ذلكَ المكانَ، ثم نظر إلى

الجوهرةِ نظرةَ الهيبةِ فصارتْ ماءً، فارتفعَ بخارُها وزَبَدُها، فخلقَ من البخارِ

السماواتِ، ومن الزبدِ الأرضينَ.

وروى عبدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

"إن اللَّهَ عزَّ وجلَّ خلقَ خلقَهُ من ظُلمَة، ثم ألقى عليهِم من نور، فمن أصابَهُ يومئذ من ذلكَ النُّورِ اهْتَدَى، ومن أخطأهُ ضلَّ ".

وقال عمرُ بنُ الخطابِ - رضي الله عنه - لكعبِ الأحبارِ: ما أوَّلُ شيءٍ ابتدأَ تعالى من خلقِهِ؟

قال كعبٌ: كتبَ اللَّهُ كتابًا لم يكتبْه قلمٌ ولا دواة، أي مداد، كتابَهُ

الزَّبرجدُ واللؤلؤ والياقوتُ: إنني أنا اللَّهُ لا إله إلا أن وحدِي لا شريكَ لِي.

وأنَّ محمدًا عبدِي ورسولِي، سبقَتْ رحمتِي غضبِي، قال كعبٌ: فإذا كانَ

يومُ القيامةِ أخرج ذلك الكتابَ، فيخرجُ من النارِ مثلي عددِ أهلِ الجنةِ

فيدخلهُمُ الجنةَ.

وقال سلمانُ وعبدُ اللَّهِ بن عمرٍو: إنَّ للَّه تعالى مائةَ رحمةٍ كما بين السماءِ

والأرضِ، فأنزلَ منها رحمةً واحدةً إلى أهلِ الدنيا، فبها يتراحمُ الجن

والإنسُ، وطيرُ السماء، وحيتانُ الماءِ، وما بين الهواء، ودوابُّ الأرضِ.

وهوامُّها، وادَّخر عنده تسعًا وتسعينَ رحمةً، فإذا كان يومُ القيامةِ أنزلَ تلكَ

الرحمةَ إلى ما عنده فيرحمُ عبادَهُ، والآثارُ في هذا البابِ كثيرةٌ، وهذا كلُّه

يُبيِّنُ أنَّ السماواتِ والأرضَ خُلِقت من الماءِ، والخلافُ في أنَّ الماءَ هل هو أوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>