للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوقاتِ أم لا مشهورٌ، وحديثُ أبي هريرةَ يدُلُّ على أنَّ الماءَ مادَّةُ جميع

المخلوقاتِ، وقد دلَّ القرآنُ على أنَّ الماءَ مادةُ جميع الحيواناتِ، قالَ اللَّهُ

تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) .

وقال تعالى: (واللَّه خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ من مَاءٍ) .

وقولُ مَنْ قالَ: إنَّ المرادَ بالماءِ النُّطْفةُ التي يخلَقُ منها

الحيواناتُ بعيدٌ لوجهينِ:

أحدهما: أنَّ النُّطفَةَ لا تُسمّى ماءً مطلقًا بل مقيَّدًا، لقوله تعالى:

(خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) .

وقوله تعالى (أَلَمْ نَخلقكُم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ) .

والثاني: أن من الحيواناتِ ما يتولَّدُ من غيرِ نُطْفَةٍ، كدودِ الخلِّ، والفاكهةِ

ونحوِ ذلك، فليس كل حيوانٍ مخلوقًا من نُطفةٍ، والقرآنُ دلَّ على خَلْقِ

جميع ما يدِبُ وما فيه حياةٌ من ماءٍ، فعُلِمَ بذلك أن أصلَ جميعِها الماءُ

المطلقُ.

ولا ينافي هذا قولَهُ تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ)

وقولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"خُلِقَتِ الملائكةُ من نُور".

فإنَّ حديثَ أبي هريرةَ - رضي الله عنه -، دل على أنَّ أصلَ النُّور والنَّارِ الماءُ، كما أن أصلَ التّرابِ الذي خُلِقَ منهُ آدمُ الماءُ، فإنَّ آدمَ خُلِقَ من طينٍ، والطينُ ترابٌ مختلطٌ بماءٍ، والترابُ خُلِقَ من الماءِ كما تقدَّمَ عن ابنِ عباسٍ، وغير، وزعمَ فقاتِلٌ: أنَّ الماءَ خُلِقَ من النُّور، وهو مردودٌ بحديثِ أبي هريرة هذا وغيرهِ، ولا يُستنكَرُ خَلْقُ النَّارِ من الماءِ، فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجل جمعَ بقدرته بين الماءِ والنَّارِ في الشَّجرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>