للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصنام لا موالاة لها، ولا نصر. فقال: الله مولانا ولا مولى لكم. فعرف أن النصر من عند الله، وأن الموالاة والنصر لا تكون من الأصنام، فبكته بذلك، ولم يراجعه، وإنما ترك النبى مجاوبته بنفسه تهاونًا من خصام مثله، وأمر من ينوب عنه تنزهًا عنه. وقال الخطابى: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير) مثل، والمعنى: إن رأيتمونا قد انهزمنا وولينا، فلا ترجعوا. يقال: فلان ساكن الطير، وواقع الطير إذا كان هاديًا وقورًا. وضرب المثل بالطير؛ لأنه لا يقع إلا على الشيء الساكن، ويقال للإنسان إذا طاش وأسرع: قد طار طيره.

٠ - باب: مَنْ رَأَى العَدُوَّ فَنَادَى بِصَوْتِهِ يَا صَبَاحَاهْ حَتَى يُسْمِعَ النَّاسَ

٨٦٢ / فيه: سَلَمَةَ، خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِى غُلامٌ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، مَا بِكَ؟ قَالَ: قَدْ أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِىِّ، (صلى الله عليه وسلم) ، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ، فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ، أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا: يَا صَبَاحَاهْ، يَا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ، وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِى النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّى أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِى إِثْرِهِمْ، فَقَالَ: (يَا ابْنَ الأكْوَعِ، مَلَكْتَ، فَأَسْجِحْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِى قَوْمِهِمْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>