للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما ذكرها البخاري في هذا الباب تحذيرًا للمؤمنين من مشابهة أفعال الكافرين فى بيعهم الآخرة الباقية بزينة الدنيا الفانية، فيدخلوا فى معنى قوله تعالى: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا) [الأحقاف: ٢٠] الآية.

- بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ - عليه السلام -: (مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدٍ ذَهَبًا

/ ٢٦ - فيه: أَبُو ذَرٍّ، قَالَ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا يَسُرُّنِى أَنَّ عِنْدِى مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، تَمْضِى عَلَىَّ ثَالِثَةٌ، وَعِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ، إِلا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِى عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ. . .) الحديث بطوله، وروى أَبُو هُرَيْرَةَ مثله مختصرًا. قال المؤلف: فى هذا الحديث أن المؤمن لا ينبغى له أن يتمنّى كثرة المال إلا بشريطة أن يسلطه الله على إنفاقه فى طاعته اقتداءً بالنبى (صلى الله عليه وسلم) فى ذلك. وفيه: أن المبادرة إلى الطاعة أفضل من التوانى فيها، ألا ترى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يحب أن يبقى عنده من مقدار جبل أحدٍ ذهبًا، لو كان له، بعد ثلاث إلا دينار يرصده لدين. وفيه: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يكون عليه الدين لكثرة مواساته بقوته وقوت عياله، وإيثاره على نفسه أهل الحاجة، والرضا بالتقلل والصبر على خشونة العيش، وهذه سيرة الأنبياء والصالحين، وهذا كله يدل على أن فضل المال فى إنفاقه فى سبيل الله لا فى إمساكه وادّخاره.

<<  <  ج: ص:  >  >>