للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١ - بَاب الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

/ ٧٢ - فيه: جُنْدَب، قَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ) . قال المؤلف: قوله: (من سمع) معناه من سمع بعمله الناس وقصد به اتخاذ الجاه والمنزلة عندهم، ولم يرد به وجه الله، فإن الله تعالى يسمع به خلقه، أى يجعله حديثًا عند الناس الذى أراد نيل المنزلة عندهم بعمله، ولا ثواب له فى الآخرة عليه، وكذلك من راءى بعمله الناس راءى الله به، أى أطلعهم على أنه فعل ذلك لهم ولم يفعله لوجهه، فاستحق على ذلك سخط الله وأليم عقابه، وقد جاء فى الحديث عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (يقال للعبد يوم القيامة: فعلت كذا وكذا ليقال فقد قيل، اذهبوا به إلى النار) . قال الطبرى: فإن قال قائل: كيف يسلم من الرياء فى العمل الظاهر، وقد روى عن عمر وعثمان وابن مسعود وجماعة من السلف أنهم كانوا يتهجدون من الليل فى مساجدهم بحيث يعلم ذلك من فعلهم معارفهم، وكانوا يتذاكرون إظهار المحاسن من أعمالهم مع ما تواترت به الآثار أن أفضل العمل ما استّسر به صاحبه، وذلك على نوعين: فأما من كان إمامًا يقتدى به ويُستن بعمله، عالمًا بما لله عليه فى فرائضه ونوافله، قاهرًا لكيد عدوه، فسواء عليه ما ظهر من عمله وما خفى منه؛ لإخلاصه نيته لله وانقطاعه إليه بعمله، بل إظهاره ما يدعو عباد الله إلى الرغبة فى مثل حاله من أعماله السالمة أحسن إن شاء الله تعالى. وإن كان ممن لا يقتدى به، ولا يأمن من عدوه قهره، ومن هواه غلبته حتى يفسد عليه عمله؛ فإخفاؤه

<<  <  ج: ص:  >  >>