للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: تقدم فى دليلنا استحالة كونه جسمًا؛ لاستحالة كونه محدثًا، وإذا صح ذلك وجب صرف قوله (صلى الله عليه وسلم) وإشارته إلى عينه إلى معنى يليق به تعالى وهو نفى النقائص والعور منه، وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر، بل هو منتف عنه جميع النقائص والآفات التى هى أضداد السمع والبصر وسائر صفات ذاته التى يستحيل وصفه بأضدادها؛ إذ الموصوف بها تارة وأضدادها أخرى محدث مربوب، لدلالة قيام الحوادث به على محدثه.

- باب قَوله تَعَالَى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) [الحشر: ٢٤]

/ ٣٧ - فيه: أَبُو سَعِيد، أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ، وَلا يَحْمِلْنَ، فَسَأَلُوا النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ: (مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . وَقَالَ أَبُو سَعِيد مرة، عن النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) : (لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلا اللَّهُ خَالِقُهَا) . الكلام فى معنى قوله تعالى: (الْخَالِقُ (من وجهين: أحدهما أن يكون بمعنى المبدع والمنشىء لأعيان المخلوقات، وهذا معنى لا يشاركه فيه أحد من خلقه، لم يزل الله مسميًا لنفسه خالقًا ورازقًا على معنى أنه سيخلق وسيرزق، لا على معنى أنه خلق الخلق فى أزله لاستحالة قدم الخلق. والثانى: أن يكون الخلق بمعنى التصوير، وهذا أمر يصح مشاركة الخلق فيه له، فالخلق المذكور فى هذا الباب بمعنى الإبداع والاختراع

<<  <  ج: ص:  >  >>