للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْيَاقُوتِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا» .

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ بَكَيْتَ، ثُمَّ ضَحِكْتَ، ثُمَّ أَعْرَضْتَ بِوَجْهِكَ، قَالَ: «أَمَّا بُكَائِي فَبَكَيْتُ شَوْقًا إِلَى سَعْدٍ، وَأَمَّا ضَحِكِي فَفَرِحْتُ بِمَنْزِلَتِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَرَامَتِهِ عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا إِعْرَاضِي فَإِنِّي رَأَيْتُ أَزْوَاجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ يَتَبَادَرْنَهُ كَاشِفَاتٍ سُوقِهِنَّ بَادِيَاتٍ خَلَاخِيلِهِنَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهُنَّ حَيَاءً مِنْهُنَّ» فَأَمَرَ بِسِلَاحِهِ وَفَرَسِهِ وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: " اذْهَبُوا بِهِ إِلَى زَوْجَتِهِ، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ زَوَّجَهُ خَيْرًا مِنْ فَتَاتِكُمْ

٩٥٩ - قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكَرَابِيسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: " خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ يَنْبَسِطُونَ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ فَلَجَأُوا إِلَى غَارٍ فَبَيْنَمَا هُمْ فِيهِ إِذْ أُنْقِضَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ بَابَهُ، فَقَالُوا: عَفَا الْأَثَرُ وَانْقَطَعَ الْخَبَرُ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا اللَّهُ وَصَالِحُ أَعْمَالِكُمْ يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمُ الَّذِي عَمِلْتُمْ، فَلَعَلَّ اللَّهَ يُفَرِّجُ عَنَّا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي بِنْتُ عَمٍّ وَإِنَّهَا كَانَتْ تُعْجِبُنِي فَرَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَأَبَتْ فَأَصَابَتْهَا حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَتَتْنِي وَسَأَلَتْنِي فَقُلْتُ: لَا حَتَّى تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ، فَأَبَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ، فَرَجَعَتْ وَقَدْ أَصَابَتْهَا حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ مَرِيضًا، وَكَانَ بَيْنَهُمَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَقَدْ أَصَابَهُمُ الْقَحْطُ، قَالَ: فَأَتَتْنِي فَسَأَلَتْنِي الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ، فَقُلْتُ: لَا حَتَّى تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ، فَقَالَتْ: دُونَكَ فَلَمَّا قَعَدْتُ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ ارْتَعَدَتْ، فَقَالَتْ: لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُكَّ هَذَا الْخَاتَمَ إِلَّا بِحِلِّهِ فَتَرَكْتُهَا وَوَفَّرْتُ عَلَيْهَا مَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ هَذَا ابْتِغَاءً لِوَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَانْفَرَجَتْ مِنْ بَابِ الْغَارِ فُرْجَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَإِنِّي حَلَبْتُ حِلَابًا فَجِئْتُ أُعَشِّيهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَخَشِيتُ عَلَى غَنَمَتِي لَوْ تَرَكْتُهَا لَضَاعَتْ مِنَ السِّبَاعِ، فَتَرَكْتُ مَاشِيَتِي وَأَمْسَكْتُ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِي حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَغَنَمِي فِي

<<  <   >  >>