للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث. وقال (١) " غضّوا أبصاركم واحفظوا فروجكم " وقال (٢) (وإياكم والجلوس على الطرقات قالوا يا رسول الله مجالسنا، ما لنا بدّ منها، قال: إن كنتم لا بد فاعلين، فأعطوا الطريق حقّه، قالوا: وما حقّه؟ قال: غض البصر، وكفّ الأذى، ورد السّلام".

والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فالنظرة تولد خطرة ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد، ما لم يمنع منه مانع. وفي هذا قيل " الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده ".

قال الشاعر

كلّ الحوادث مبداها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة بلغت من قلب صاحبها ... كمبلغ السهم بين القوس والوتر

والعبد ما دام ذا طرف يقلبه ... في أعين العين موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

ومن آفات النظر: أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات، فيرى العبد ما ليس قادراً عليه ولا صابراً عنه، وهذا من أعظم العذاب: أن ترى ما لا صبر لك عن بعضه، ولا قدرة على بعضه (٣) .

قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً، أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه، ولا عن بعضه أنت صابر


(١) انظر:- مسند الإمام أحمد ٥/٣٢٣ حيث رواه من حديث.
(٢) رواه أحمد في المسند ٦/٣٨٥ والبخاري وغيره (انظر المعجم المفهرس ١/١٨٥) .
(٣) كذا، وربما كان أصله " ولا قدرة لك على كله ليوافق ما بعده.

<<  <   >  >>