للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أنها تخالف غيرها من ناحيتين:

أولاهما، أن الجلد مائة جلدة وليس في الحدود ما يبلغ ذاك حداً.

الثانية: أن من تمام الحد التغريب، ولا يكون التغريب عقوبة حدية في غير: حد الزاني البكر والله أعلم.

الثانية: التنصيص على نهي العباد عن أن تأخذهم رأفة بالزناة.

قال رحمه الله تعالى في بيانها (١) :

(الثاني أنه نهى عباده أن تأخذهم رأفة في دينه، بحيث تمنعهم من إقامة الحد

عليهم، فإنه سبحانه من رأفته ورحمته بهم شرع هذه العقوبة فهو أرحم بكم، ولم

تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة، فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من

إقامة أمره) .

وهذه الخصيصة قد نبه الله تعالى عليها في محكم تنزيله إذ يقول (٢) (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله أن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) .

حكمة التشريع في هذه الخاصية:

ثّم يبيّن ابن القيم رحمه الله تعالى أن النهي للعباد عن أن تأخذهم رأفة بالجرمين عام في حق كلّ مجرم أو بغيره لكنه ذكر في حد الزنى خاصة لأسرار تشريعية

نوه عنها بقوله (٣) :

وهذا - وإن كان عاماً في سائر الحدود- لكن ذكر في حد الزنى خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره، فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما


(١) الداء والدواء ص/٢٣٨.
(٢) الآية رقم ٢ سورة النور.
(٣) انظر: الداء والدواء ص/٢٣٩

<<  <   >  >>