للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحض وهو شريعتَه الواجب اتباعه فلا وجه لهذا التأويل فقال (١) :

(وهذا مما لا يجدي عنهم شيئاً البتة فإنه حكم بينهم بالحق المحض فيجب اتباعه بكل حال فماذا بعد الحق إلا الضلال) .

وهذا معنى ما قاله الخطابي في تعقبه لهذا الجواب حيث يقول (٢) :

(وهذا تأويل غير صحيح: لأن الله سبحانه يقول (٣) (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) وإنما جاءه القوم مستفتين طمعاً في أن يرخص لهم في ترك الرجم ليعطلوا به حكم التوراة، فأشار عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كتموه من حكم التوراة، ثم حكم عليهم بحكم الإسلام على شرائطه لواجبة فيه.

وليس يخلو الأمر فما صنعه صلى الله عليه وسلم من ذلك عن أن يكون موافقاً لحكم الإسلام

أو مخالفاً له.

فان كان مخالفاً فلا يجوز أن يحكم بالمنسوخ ويترك الناسخ.

وان كان موافقاً له فهو شريعته، والحكم الموافق لشريعته لا يجوز أن يكون مضافاً إلى غيره ولا يكون فيه تابعاً لمن سواه) .

وقد ذكر الحافظ ابن حجر جواب الخطابي وأيده وذكر الجواب عما في رواية

أبي هريرة (فأني أحكم بما في التوراة) بأن في سند هذه الرواية رجل مبهم ثم قال الحافظ (٤) :

(ومع ذلك فلو ثبت لكان معناه لإقامة الحجة عليهم) .

ولا شك أن قول الله تعالى (٥) (فاحكم بينهم بما أنزل الله) الآية دليل قطعي


(١) انظر: زاد المعاد ٣/٢٠٧.
(٢) انظر: معالم السنن ٦/ ٢٦٠- ٢٦١.
(٣) من الآية رقم ٤٩ سورة المائدة.
(٤) انظر: فتح الباري ١٢/ ١٧١.
(٥) من الآية رقم ٤٨ سورة المائدة.

<<  <   >  >>