للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فإن نصوص المسألة هذه تتنزل على ما يلي:

أولاً: ما كانت مدة الانتباذ فيه قريبة وهي يوم وليلة، لا يتوهم الإسكار فيها. فهو مباح إذا وعلى هذا يتنزل حديث عائشة رضي الله عنها.

ثانياً: ما كانت مدة الانتباذ فيه للخليطين محتملة للإفضاء إلى الإسكار وهي

ما كان فوق يوم وليلة وما دون ثلاث ليال. فهذا مكروه ما لم يتغير. لتخلف مناط التحريم عنه.

ثالثاً: ما كانت مدة الانتباذ فيه للخليطين قد مضى عليها ثلاث ليال وتغير بغليان ونحوه. فهذا حكمه التحريم.

هذا هو ما ظهر لي في هذه المسألة وبه إن شاء الله تعالى تجتمع الأدلة وينتفي التعارض الظاهر. وهذا هو ما جنح إليه الشيخ أبو محمد بن قدامة في كتابه المغني إذ قال بعد سياقه لحديث عائشة رضي الله عنها (١) :

(لما كانت مدة الانتباذ قريبة وهي يوم وليلة لا يتوهم الإسكار فيها لم يكره.

فلو كان مكروهاً لما فعل هذا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم له. فعلى هذا: لا يكره ما كان

في المدة اليسيرة. ويكره ما كان في مدة يحتمل إفضاؤه إلى المسكر. ولا يثبت التحريم ما لم يغل أو تمضِ عليه ثلاثة أيام) .

ولعله بهذا يظهر لنا جلياً أنه قد تمّ لابن القيم الاستدلال بالنهي عن الخليطين على سد الذرائع الموصلة للخمر ولكن على التنزيل المذكور والله أعلم.

سادساً: النهي عن الانتباذ في بعض الأوعية (٢) :

روى مسلم (٣) بسنده عن زاذان (٤) قال: قلت لابن عمر حدثني بما نهى عنه النبي


(١) انظر: المغني ١٠/ ٣٤٢.
(٢) انظر: أعلام الموقعين ٣/١٥١، وإغاثة اللهفان ١/١٦١ وزاد المعاد٣/٣٠.
(٣) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ١٣/١٦٥.
(٤) هو: زاذان الكندي البزار ويكنى أبا عبد الله وأبا عمر مات سنة ٢٨٢ هـ. روى له مسلم والأربعة (انظر: التقريب ١/٢٥٦) .

<<  <   >  >>