للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه نفوسهم، أباح لهم الأوعية كلها غير ألا يشربوا مسكراً، فهذا فقه المسألة وسرها) .

رأي ابن القيم. في استمرار النهي:

في هذه المسألة وأمثالها يحصل الغلط من كثير من أهل العلم في الإفصاح عن اختيارات العلماء وآرائهم في مسائل العلم. فمثلاً ابن القيم في هذه المسألة. ذكر في معرض بحثه لقاعدة سد الذرائع وجوهاً كثيرة مما ورد النهي عنه سداً للذريعة. كما في كتابيه (الأعلام) (١) و (الإغاثة) (٢) فقال في الكتابين:

(ونهى- عن الانتباذ في الأوعية التي قد يتخمر النبيذ فيها ولا يعلم به) . فيظن الناظر لكلامه هذا أن اختيار ابن القيم أو رأيه هو النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية. بينما الأمر على خلافه فإنه يرى أن هذا من الأحكام المنسوخة وإن الشارع نهى عن الانتباذ في هذه الأوعية في أول الأمر سداً لذريعة الوصول إلى الخمر وقربانها (٣) (إذ كانوا حديثي عهد بشربه فلما استقر تحريمه عندهم، واطمأنت إليه نفوسهم أباح لهم الأوعية كلها غير ألا يشربوا مسكراً) ثم قال: (وهذا فقه المسألة وسرها) (٤) .

فتبين أن رأي ابن القيم هو عدم بقاء النهي وإن الأمر عاد إلى الإباحة. وإن ما ذكره في كتابيه (الأعلام) و (الإغاثة) في معرض الذرائع لا حرج عليه فيه، ولا يفهم منه أن هذا رأيه، لأن النهي عن الانتباذ في الأوعية المذكورة

لما كانوا حديثي عهد بشرب الخمر. فسد كل باب موصل إليه فلما استقر في نفوسهم حرمة الخمر أباح الانتباذ في الأوعية كلها غير ألا يشربوا مسكراً والله أعلم.


(١) انظر: ٣/١٤٧- ١٧١.
(٢) انظر: ١/٣٦٠- ٣٧٦.
(٣) انظر: زاد المعاد ٣/ ٣٠.
انظر: زاد المعاد ٣/ ٣٠

<<  <   >  >>