للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٦٥ - من البدع]

يقول السائل: ما حكم عمل وليمة عند ختان المولود، وعمل مولد بهذه المناسبة، ودعوة الأقارب والأصدقاء والجيران؟

الجواب: من المعلوم أن الختان من سنن الفطرة، وهو واجب في حق الذكور دون الإناث والوليمة عند الختان تسمّى الإعذاريقال أعذر إعذاراً كما ذكره في المصباح المنير. ووليمة الختان ليست واجبة بل مستحبة، قال الإمام البغوي: " ويستحب للمرء إذا أحدث الله له نعمة أن يحدث له شكراً، ومثله العقيقة، والدعوة على الختان، وعند القدوم من الغيبة، كلها سنن مستحبة شكراً لله تعالى على ما أحدث له من النعمة وآكدها استحباباً، وليمة العرس والإعذار والخُرس، الإعذار دعوة الختان، والخرس دعوة السلامة من الطلق " شرح السنة ٩/١٣٧ - ١٣٨. وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: ".... فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة - أي وليمة الزواج - أنها مستحبة لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه....، وإجابة كل داعٍ مستحبة لهذا الخبر، ولأن فيه جبر قلب الداعي، وتطييب قلبه، وقد دعي الإمام أحمد إلى ختان فأجاب وأكل.... " المغني ٧/٢٨٦. وقد وردت أحاديث كثيرة في إجابة الدعوة للوليمة سواءً أكانت وليمة عرس أو غير عرس، ويدخل في ذلك وليمة الختان، فمن ذلك: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها) رواه البخاري ومسلم. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من دعي إلى طعام فليجب، فإن شاء أكل وإن شاء ترك) رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه) رواه مسلم. وهذه الأحاديث وغيرها تدل على استحباب دعوة الختان وعلى استحباب إجابتها، وهذا مذهب جمهور أهل العلم. وأما ما ورد في الحديث عن الحسن البصري قال: " دعي عثمان بن أبي العاص فأبى أن يجيب، فقيل له، فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى له " رواه أحمد في المسند فهذا الحديث لا يقتضي منع دعوة الختان. وقد أجاب الإمام أحمد الدعوة إلى ختان كما سبق في كلام ابن قدامة والأئمة الثلاثة على استحباب الدعوة لها والإجابة. هذا ما يتعلق بالدعوة إلى وليمة الختان، وأما ما يتعلق بعمل المولد عند الختان فأقول: إن عمل المولد ليس مشروعاً في الدين، بل هو من الأمور المبتدعة التي لا أصل لها، فعمل الملد بدعة منكرة، سواء كان ذلك بمناسبة المولد النبوي أو بمناسبة ختان أو غير ذلك من المناسبات التي اعتاد عوام الناس عمل المولد فيها فلا يجوز شرعاً إقامة الموالد، لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، التي شهد لها الرسول- صلى الله عليه وسلم - بالخيرية، وهم أعلم الناس بالسنة النبوية، وقد صحّ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ) متفق عليه، أي مردود. وفي رواية أخرى: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ) . وثبت في الحديث الصحيح أيضاً، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي وغيرهم، وغير ذلك من الأحاديث. وهذه الموالد أحدثت في الإسلام بعد أكثر من أربعمئة عام من تاريخ الإسلام، فأين كان المسلمون الأوائل عنها، أين كان الصحابة والتابعون والعلماء والأعلام الذين عاشوا في تلك القرون المفضلة؟ ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين لنا أحكام الشرع الحنيف وبلغ عن ربه البلاغ المبين، وما ترك طريقاً يقربنا من الجنة، ويباعدنا من النار إلا وبينه للأمة، كما ورد في الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: (ما بعث الله من نبيٍ إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه، وينذرهم شر ما يعلمه لهم) رواه مسلم. فالموالد غير مشروعة من حيث أصلها، ومن حيث ما يصاحبها من الأمور المنكرة كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بأوصاف مخالفة للشرع، واختلاط الرجال بالنساء، واستعمال آلات الملاهي، وغير ذلك من الأمور المنكرة. وأخيراً أقول للسائل، إن شئت أن تدعو الأقارب والجيران والأصدقاء بمناسبة ختان ولدك فافعل، واصنع لهم طعاماً وأطهمهم، ولا تصنع لهم مولداً، لأنه بدعة، ولا تَنسَ أن تدعو الفقراء والمحتاجين إلى وليمتك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء ويترك المساكين) رواه البخاري ومسلم. *****

<<  <  ج: ص:  >  >>