للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٦٣ - صلاة الجمعة]

يقول السائل: دخلت المسجد يوم الجمعة أثناء الخطبة فهل أصلي تحية المسجد أم أجلس وأصليها بعد أن تنتهي الخطبة الأولى؟

الجواب: إن المشروع في حق من دخل المسجد والخطيب يخطب يوم الجمعة أن يصلي ركعتين تحية المسجد ويشرع له أن يخففها أي لا يطيل فيها وهذا مذهب أكثر أهل العلم وهو الصحيح الذي تؤيده الأدلة. فقد ثبت في الحديث الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (دخل رجل يوم الجمعة المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت؟ قال: لا. قال: فصل ركعتين) رواه البخاري ومسلم. وثبت في رواية أخرى عن جابر أيضاً قال: (جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم يجلس) رواه مسلم. فهذان الحديثان يدلان على ما قلت فلا ينبغي لمن دخل والإمام يخطب أن يجلس فإذا انتهى الخطيب من الخطبة الأولى قام فصلى الركعتين فهذا مخالف لما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم والمطلوب التخفيف في هاتين الركعتين حتى يسمع لخطبة الجمعة وليس المقصود بالتخفيف نقرهما نقراً وإنما المقصود عدم التطويل وهو التخفيف الذي لا يخل بالصلاة. وقد يمنع البعض الداخل من صلاة تحية المسجد بحجة ما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا صعد الإمام فلا صلاة ولا كلام) فهذا الحديث باطل بل هو منكر لا يصح الاحتجاج به وإن كان بعض معناه صحيحاً وهو منع الكلام أثناء الخطبة ومنع الصلاة أثناء الخطبة نافلة أو قضاء أو غير ذلك وأما من جاء والإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد ويخفف فيها كما سبق وأما الكلام أثناء الخطبة فممنوع لما ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت) رواه البخاري ومسلم. قال الإمام النووي: [معناه قلت غير الصواب وقيل تكلمت بما لا ينبغي. ففي الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة] شرح صحيح مسلم ٦/١٣٨.

وأكثر أهل العلم على وجوب الإنصات للخطبة يوم الجمعة حتى ولو كان المصلي لا يسمع الخطبة فيلزمه الإنصات. ومن الجدير بالذكر أن حديث أبي هريرة السابق: (إذا قلت لصاحبك أنصت ...) يردده المؤذنون في كل يوم جمعة قبل بدء خطبة الجمعة، وهذا الذي يفعله المؤذنون بدعة مخالفة لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم فلم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذا الحديث على مسامع المصلين قبل خطبة الجمعة وعلى أئمة المساجد منع المؤذنين من هذه البدعة وغيرها من البدع التي تقع في يوم الجمعة وغيره وقد ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) حديث صحيح رواه البخاري ومسلم. ومعنى رد أي مردود. ويضاف إلى ما سبق أن المؤذن ينهي الناس عن الكلام والخطيب يخطب ثم يخالفهم فيتكلم بدعاء بين الخطبتين.

وهذا الدعاء أيضاً مخالف لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولكن هذه الأمور أصبحت مشهورة ومعروفة حتى ظن عامة الناس أنها من الدين ويرجع ذلك إلى سكوت أهل العلم عنها بل وإقرارهم لها والواجب عليهم أن ينكروها لمخالفتها لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. *****

<<  <  ج: ص:  >  >>