للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٩١ - صلاة الجمعة]

الدروس قبل صلاة الجمعة,

يقول السائل: ما هو المشروع في حق المسلم الذي ينتظر صلاة الجمعة؟ وما الحكم في الدروس التي تعقد قبل صلاة الجمعة؟ وكذلك تلاوة القارئ للقرآن الكريم بواسطة مكبرات الصوت قبل صلاة الجمعة؟

الجواب: إن المشروع في حق المسلم قبل صلاة الجمعة أن ينشغل في الصلاة النافلة وفي قراءة القرآن الكريم وبالذات سورة الكهف وفي الأذكار وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد في ذلك عدد من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم منها:

١. عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى) رواه البخاري.

٢. وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحداً ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى) رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات كما قال الهيثمي.

٣. عن نافع: (أن ابن عمر رضي الله عنه كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ركعات وقال: هكذا كان يفعل رسول الله) رواه أحمد وأبو داود وقال العراقي إسناده صحيح.

٤. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم: (ذكر يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى إلا أعطاه إياه) رواه البخاري ومسلم.

٥. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) رواه النسائي والبيهقي والحاكم وصححه الشيخ الألباني أيضاً.

٦. وعن أوس بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه الله خلق آدم ... فأكثروا عليّ من الصلاة فيه) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه ابن خزيمة والحاكم وافقه الذهبي.

وأما الجواب عن الشق الثاني من السؤال حول الدروس والتلاوة قبل صلاة الجمعة وخاصة مع استعمال مكبرات الصوت فأرى أن تلك الدروس وتلك التلاوة مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد تصل إلى درجة الحرام ولا تقل عن درجة المكروه لأن تلك الروس وتلك التلاوة تشتمل على إيذاء المصلين والذاكرين والقارئين وهذه أمور منهي عنها ومحرمة شرعاً كما ثبت في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف عن الستر وقال: ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذي بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في قراءة أو قال في الصلاة) رواه أبو داود بإسناد صحيح كما قال الإمام النووي وصححه الشيخ الألباني. وكذلك ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المصلي مناجٍ ربه فلينظر بما يناجيه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن) رواه مالك بسند صحيح قاله الشيخ الألباني وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا علي لا تجهر بقراءتك ولا بدعائك حيث يصلي الناس فإن ذلك يفسد عليهم صلاتهم) .

وكذلك فإن الدروس التي تعقد قبل صلاة الجمعة وتلاوة القرآن من قبل القارئ مخالفة لما كان عليه الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه رضي الله عنهم وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن عقد حلقات الدروس قبل صلاة الجمعة فقد روى أبو داود بسنده: (أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البيع والشراء في المسجد وأن تنشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وهو حديث حسن كما قال الترمذي والألباني. قال الإمام البغوي: [وفي الحديث كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة في المسجد وغيره] شرح السنة ٢/٣٧٤.

وبهذه المناسبة فإني أناشد أئمة المساجد والمسؤولين عن المساجد أن يوقفوا هذه الدروس والتلاوة قبل صلاة الجمعة وأن يمنعوا التشويش على عباد الله فهم في ذلك الوقت ما بين راكع وساجد وذاكر وقارئ ومتفكر وعليهم أن يسعوا إلى إحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما وأن الموعظة الحاصلة بخطبتي الجمعة تغني عن الدروس ومن شاء أن يدرس فليكن ذلك بعد صلاة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>