للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٧ - ما ينتفع به اليت]

يقول السائل: ما هي الأمور التي ينتفع بها الإنسان بعد وفاته ويصل ثوابها إليه؟

الجواب: إن مما اتفق عليه علماء الإسلام أن الميت ينتفع بدعاء غيره له، قال الإمام النووي: [أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصل ثوابه إليهم] .

ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) سورة الحشر آية ١٠.

وكذلك ثبت في أحاديث كثيرة من الدعاء للأموات في صلاة الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك كما ورد في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم (دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة وعند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل آمين ولك بمثل) رواه مسلم وغيره.

وكذلك ما ثبت في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم وغيره.

ومن الأمور التي اتفق العلماء على أن الميت ينتفع بها ويصل ثوابها له الصدقة عنه، وكذلك فإن المتصدق ينتفع بتلك الصدقة أيضاً ويدل على ذلك أحاديث وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم منها:

عن ابن عباس رضي الله عنه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها فقال: يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها؟ قال: نعم، فقال: فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عنها) رواه البخاري وغيره. وحائط المخراف: بستان نخل وعنب كان لسعد فتصدق به عن أمه.

وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي أفتلتت نفسها - أي ماتت فجأة - ولم توص وأظنها تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها ولي أجر؟ قال: نعم فتصدق عنها) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه (إن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه إن تصدقت عنه؟ قال: نعم) رواه مسلم وغيره. ومن الأمورالتي ينتفع بها الميت قضاء صوم النذر عنه فإذا كان الميت قد نذر صوما ًلله تعالى فمات قبل أن يصوم فيجوز لوليه أن يصوم عنه ذلك النذر.

ويدل على ذلك الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من مت وعليه صوم صام عنه وليه) رواه البخاري ومسلم.

وهذا ارجح أقوال العلماء في الصوم عن الميت أنه يجوز في صوم النذر دون صوم الفريضة وهذا منقول عن عائشة وابن عباس وهو قول الإمام أحمد.

ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه، أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله تبارك وتعالى أنجاها أن تصوم شهرأ فأنجاها الله عز وجل فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إما أختها أو ابنتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: أرأيتك لو كان عليها دين كنت تقضيه؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

ومن الأمور التي تصل إلى الميت وينتفع بها الحج والعمرة عنه حج الفريضة والنافلة أو النذر وكذا العمرة وقد وردت الأحاديث بذلك فمنها:

عن ابن عباس قال: أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزى أن تحج عنها؟ قال: نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يجزيء عنها فلتحج عن أمها) رواه النسائي وقال الألباني صحيح الإسناد.

وعن ابن عباس أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: أرأيت لو كان عل أختك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فاقضوا الله فهو أحق بالوفاء) رواه البخاري وغيره.

وهناك أعمال أخرى ينتفع بها الميت على قول طائفة من أهل العلم كتلاوة القرآن وجعل ثواب التلاوة للميت والأضحية عن الميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>