للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٣ - زكاة الزروع والثمار]

كيف يزكي المزارعون مزروعاتهم وكيف تخرج زكاة البساتين من عنب وبرتقال وتفاح وبرقوق ونحو ذلك؟

الجواب: ينبغي أن يعلم أولاً أن الزكاة واجبة في كل ما أخرجت الأرض مما يقصد بزراعته نماء الأرض وتستغل به الأرض عادة مثل القمح والشعير والعنب والتين والزيتون والورود والرياحين والزعتر والأعشاب الطبية التي يستنبتها الإنسان بقصد تنمية الأرض واستغلالها وهذا قول الإمام أبي حنيفة في زكاة المزروعات وهو أقوى المذاهب الفقهية في هذه المسألة ولم يحصر الزكاة في الأقوات الأربعة التي كانت معروفة قديماً وهي القمح والشعير والتمر والزبيب ولم يحصرها في ما يقتات ويدخر كما هو قول المالكية والشافعية ولم يحصرها في ما ييبس ويبقى ويكال كما هو قول الحنابلة.

وقول أبي حنيفة رحمه الله أهدى سبيلاً وأصح دليلاً واعتمد في ذلك على عموم قوله تعالى: (أنفقوا من طيبات) سورة البقرة الآية ٢٦٧، وعلى قوله تعالى: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) سورة الأنعام الآية ١٤١.

والمراد بالحق في الآية الزكاة المفروضة كما نقل القرطبي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين.

واحتج أبو حنيفة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وفيا سقي بالنضح نصف العشر) رواه مسلم في صحيحه.

قال الإمام ابن العربي المالكي ناصراً قول أبي حنيفة في المسألة: [وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق وقال: إن الله أوجب الزكاة في المأكول قوتاً كان أو غيره وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في عموم: (فيما سقت السماء العشر) ] أحكام القرآن لابن العربي ٢/٧٥٩.

إذا ثبت هذا فإن الواجب إخراج زكاة الزروع والثمار عند الحصاد أو القطاف لقوله تعالى: (آتوا حقه يوم حصاده) ولا تجب الزكاة إلا إذا بلغ المحصول نصاباً والنصاب خمسة أوسق وتساوي في وقتنا الحضار ٦٥٣ كيلو غرام تقريباً فإذا بلغ المحصول نصاباً فتجب فيه الزكاة ومقدار الواجب يكون ١٠% من الإنتاج إذا كانت المزروعات تسقى بما المطر أو مياه العيون بدون كلفة يتحملها المزارع أو ٥% إذا كانت المزروعات تسقى بجهد من المزارع كمن يشتري المياه أو نحو ذلك أو ٧. ٥% إذا كانت المزروعات تسقى بكل من الطريقتين السابقتين. وعند تقدير الواجب على المزارع فإنه يحسب الناتج من المزروعات والثمار ويحسب ما أنفقه على الأرض من أجرة العمال أو أجرة معدات أو شراء أسمدة أو أدوية ونحوها ويخصمها ويزكي الباقي. ويجب أن يعلم أن المزارع إذا باع إنتاج أرضه قبل الجفاف كما هو الحال فيمن يبيع العنب قبل أن يصير زبيباً أو المزارع الذي يبيع إنتاجه من الخضار ونحوها فإن الزكاة واجبة في أثمانها إذا كانت تلك الخضار أو العنب قد بلغت نصاباً.

فالمزارع الذي باع إنتاج بساتينه من الفواكة مثلا وكانت قد بلغت نصاباً وكانت تسقى بماء المطر فالواجب عليه ان يخرج عشر الثمن زكاة لله تعالى.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>