للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٨ - تفرق المسلمين في رؤية الهلال]

يقول السائل: ما قولكم فيما حدث يوم الثلاثين من رمضان هذا العام حيث إن بعض الناس قلدوا ما أعلن في بعض مناطق العراق أن عيد الفطر يوم الاثنين ٢٤-١١-٢٠٠٣ فعيدوا في ذلك اليوم وخالفوا ما عليه أكثر المسلمين في العالم حيث إن العيد كان يوم الثلاثاء ٢٥-١١-٢٠٠٣ مما أحدث بلبلة بين عامة الناس أفيدونا. الجواب: إن مما يؤسف له تكرر هذه المشكلة في بلادنا على يد فئة تشذ وتخالف جماعة الناس بزعم أنهم يتبنون وحدة المطالع فيصومون مع أول من يعلن الصيام ويفطرون مع أول من يعلن الفطر والغريب في الأمر أنه هؤلاء يتبنون هذا الحكم في الصيام فقط ولا يتبنون في بقية أحكام الصوم؟! ثم هؤلاء الذين عيدوا يوم الاثنين لم يصلوا العيد في ذلك اليوم بل صلوا العيد يوم الثلاثاء. إن هذا لشيء عجاب فصلاة العيد مشروعة يوم العيد فكيف يصلونها في اليوم التالي للعيد على رأيهم الأعرج!!! ومن المعلوم أن قضية بداية شهر الصوم ونهايته تشكل مثاراً للنزاع والاختلاف في كل عام تقريباً والمسألة محل اختلاف بين أهل العلم منذ عهد بعيد فمن العلماء من يرى أن لا عبرة باختلاف المطالع وأن على المسلمين جميعاً أن يصوموا إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد والرأي الآخر في المسألة وهو أن لكل بلد رؤيتهم قال به جماعة من أهل العلم والمسألة مسألة اجتهادية محتملة واستدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة والقياس. وإن كنت أعتقد رجحان القول الأول بعد النظر في أدلته ولكن هذا القول وهو عدم اعتبار اختلاف المطالع رأي نظري لم يجد طريقه إلى التطبيق العملي في تاريخ المسلمين من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عصرنا الحاضر لعدم توفر وسائل الاتصال التي تربط أنحاء الدولة الإسلامية بعضها مع بعض ومعلوم أن وسائل الاتصال حديثة العهد. كما وأود أن أبين أنه ينبغي الاستئناس بما يقرره علم الفلك وإن كان الأصل هو رؤية العين المجردة ولكن أصول الشريعة الإسلامية وقواعدها العامة لا تمنع أن نستعين بعلم الفلك وخاصة أنه علم متقدم ومتطور وعلم الفلك ليس مجرد حسابات وإنما هو رؤية ولكن بالمراصد والآلات فلا مانع شرعاً من الاستفادة من التقدم العلمي في هذا المجال وبالذات في حالة النفي أي إذا نفى علم الفلك احتمال رؤية الهلال بشكل قطعي فينبغي حينئذ عدم قبول ادعاء الرؤية وهذا هو ما حصل في هذا العام فإن علم الفلك نفى احتمال رؤية الهلال مساء الأحد ٢٣/١١/٢٠٠٣ م وأن الهلال لم يكن قد تولد لذا فإني أعتقد أن إعلان بعض العراقيين عن ثبوت رؤية الهلال إعلان باطل ولم يكن القرار بناءً على رؤية حقيقية للهلال لاستحالة ذلك كلياً كما قرر ذلك علماء الفلك وبعض الفقهاء فقد أعلن معهد البحوث الفلكية بحلوان أن يوم الثلاثاء ٢٥-١١-٢٠٠٣ هو أول أيام عيد الفطر المبارك في مصر فلكيًا. وقال الدكتور محمد سليمان رئيس قسم الفلك والشمس بالمعهد: إن الحسابات الفلكية تؤيد أن ميلاد هلال شهر شوال في جميع البلاد العربية والإسلامية لن يُرى قبل غروب يوم الاثنين الموافق ٢٤-١١-٢٠٠٣، وعليه فإن يوم الاثنين سيكون المتمم لشهر رمضان لعام ١٤٢٤ هـ ويكون يوم الثلاثاء الموافق ٢٥-١١-٢٠٠٣ هو أول أيام عيد الفطر المبارك". وأعلن كل من المجلس الإسلامي للأهلة التابع للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا والمجلس الأوربي للبحوث والإفتاء استحالة رؤية هلال شهر شوال لعام ١٤٢٤ هجريا مساء الأحد الموافق ٢٣-١١-٢٠٠٣، وعليه فإن يوم الثلاثاء الموافق ٢٥-١١-٢٠٠٣ هو أول أيام شهر شوال، وأول أيام عيد الفطر المبارك. وجاء في بيان صادر عن المجلس الإسلامي للأهلة الجمعة ٢١-١١-٢٠٠٣: إن هلال شهر شوال سيولد في الساعة ٢٣ ودقيقة واحدة يوم الأحد بتوقيت جرينتش الموافق للساعة الثانية ودقيقة واحدة من صباح الاثنين ٢٤-١١-٢٠٠٣ بتوقيت مكة المكرمة. وأضاف البيان أن هلال شوال سيولد بعد ٦ ساعات من غروب شمس يوم الأحد؛ الأمر الذي يعني استحالة رؤية الهلال مساء ذلك اليوم. وأوضح الدكتور محمد الهواري رئيس المجلس الأعلى للأهلة في اتصال هاتفي مع "إسلام أون لاين. نت" الجمعة ٢١-١١-٢٠٠٣ أن الهلال سيمكث في السماء لمدة ٢٨ دقيقة بعد غروب يوم الاثنين ٢٤-١١-٢٠٠٣، ويمكن رؤيته بوضوح في معظم الدول العربية والأوربية. وأشار الهواري إلى أنه بناء على ما تقدم فإن يوم الثلاثاء الموافق ٢٥-١١-٢٠٠٣ أول أيام شهر شوال ١٤٢٤هـ وأول أيام عيد الفطر المبارك. إسلام أون لاين. نت

وقال الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء في السعودية [يولد هلال شهر شوال عام ١٤٢٤هـ يوم الاثنين الموافق ٣٠/٩/١٤٢٤هـ الساعة الثانية صباحاً، أي بعد غروب شمس يوم الأحد الموافق ٢٩/٩/١٤٢٤هـ بما يزيد عن سبع ساعات، ويمكث الهلال بعد غروب شمس يوم الاثنين ثمان وعشرين دقيقة وذلك بتوقيت مكة المكرمة، وعليه فيكون يوم عيد الفطر يوم الثلاثاء الموافق ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٣م، وهو أول يوم من شهر شوال سنة ١٤٢٤هـ. وعليه فإذا ثبت دخول شهر رمضان يوم الأحد ٢٦/١٠/٢٠٠٣ م حسب الرؤية الشرعية المتفقة مع الحساب الفلكي فإن يوم الاثنين ٢٤ نوفمبر الموافق ٣٠/٩/١٤٢٤هـ هو آخر يوم من أيام رمضان، ولا حاجة لترائي هلال شهر شوال مساء الاثنين، لكونه تمام الثلاثين يوماً لشهر رمضان ونظراً إلى أن ولادة هلال شهر شوال هو الساعة الثانية من صباح يوم الاثنين ٣٠/٩/١٤٢٤هـ، فلا يصح فلكياً ترائي الهلال مساء الأحد ٢٩/٩/١٤٢٤هـ بعد غروب شمس ذلك اليوم؛ لكون الهلال ولد بعد غروب شمس يوم الأحد بما يزيد عن سبع ساعات وأي دعوى رؤية للهلال مساء هذا اليوم يوم الأحد ٢٩/٩/١٤٢٤هـ فهي شهادة غير صحيحة؛ لعدم انفكاكها عما يكذبها، ويجب ردها مهما كانت عدالة أو عدداً.] ونقل القليوبي من فقهاء الشافعية عن العبادي قوله [إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال لم يقبل قول العدول برؤيته، وترد شهادتهم. ثم قال القليوبي: هذا ظاهر جلي، ولا يجوز الصوم حينئذ، وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة] إذا تقرر هذا فإن ما قام به هؤلاء الذين عيدوا يوم الاثنين إنما هو عمل باطل ويلزمهم قضاء يوم بدل اليوم الذي أفطروه حيث إنهم أفطروا يوماً من رمضان وإفطارهم لم يكن مستنداً على دليل صحيح بل قلدوا أناساً خالفوا المحسوس وأبلغ دليل على ذلك أن من أهل العراق السنة قد وافقوا أكثر المسلمين في أن العيد هذا العام هو يوم الثلاثاء ولم تثبت لديهم رؤية هلال شوال مساء الأحد كما زعم غيرهم. وينبغي التنبيه أن ما فعله هؤلاء يؤكد ما أقوله دائماً أن الصوم والفطر ليس عملاً فردياً يقوم به فرد أو أفراد لوحدهم بل الصيام والعيد عبادة جماعية تتم مع الجماعة فلا يصح أن يصوم أحد رمضان لوحده وكذلك لا يصح أن يعيد فرد لوحده وهذا هو المفهوم المستمد من سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) رواه الترمذي وأبو داود والبيهقي وهو حديث صحيح كما قاله الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي ١/٢١٣. قال الإمام الترمذي رحمه الله: [وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعِظم الناس]

<<  <  ج: ص:  >  >>