للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٤ - دفاع عن السنة النبوية]

يقول السائل: قرأت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) فهل هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أفيدونا.

الجواب: هذا الحديث رواه الترمذي بإسناده عن أبي رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قال لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته - السرير - يأتيه أمرٌ مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وقال العلامة الألباني: صحيح. ورواه الترمذي أيضاً عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله) ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال العلامة الألباني: صحيح. ورواه أبوداود عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ... ) . وقال العلامة الألباني: صحيح، والحديث رواه أيضاً الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

ويعتبر هذا الحديث من دلائل نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث ظهر بعد عهد الرسالة جماعات طعنوا في السنة النبوية وزعموا الأخذ بالقرآن الكريم فقط وقد بدأت ظاهرة إنكار السنة على أيدي الخوارج والشيعة، وظهرت في العصور المتأخرة طوائف تنكر السنة النبوية وتدعو إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم فقد [بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين الميلادي في بلاد الهند، ثم انتقلت إلى باكستان بعد استقلالها عن الهند، وما تزال. وأعجب أمر هؤلاء أنهم يُنْسَبون إلى القرآن المجيد، فهم يحبون أن يسموا أنفسهم "القرآنيون " نسبة إلى القرآن كتاب الله المجيد ظلماً وزوراً. وقد اختاروا هذه النسبة إيهاماً للناس بأنهم ملتزمون بكتاب الله القرآن.] شبهات القرآنيين حول السنة النبوية ص ٢-٣.

قال الشخ المباركفوري في شرحه للحديث السابق [وهذا الحديث دليل من دلائل النبوة وعلامة من علاماتها فقد وقع ما أخبر به فإن رجلاً قد خرج في الفنجاب من إقليم الهند وسمَّى نفسه بأهل القرآن وشتان بينه وبين أهل القرآن بل هو من أهل الإلحاد وكان قبل ذلك من الصالحين فأضله الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط المستقيم فتفوه بما لا يتكلم به أهل الإسلام فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها رداً بليغاً، وقال هذه كلها مكذوبة ومفتريات على الله تعالى وإنما يجب العمل على القرآن العظيم فقط دون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت صحيحة متواترة ومن عمل على غير القرآن فهو داخل تحت قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} وغير ذلك من أقواله الكفرية وتبعه على ذلك كثير من الجهال، وجعلوه إماماً وقد أفتى علماء العصر بكفره وإلحاده وخرجوه عن دائرة الإسلام والأمر كما قالوا.] تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي ٧/٣٥٤-٣٥٥.

وهؤلاء القرآنيين لهم امتداد في الوقت الحاضر في جماعات تسمي نفسها بأهل القرآن ولهم انتشار في عدة بلدان من العالم ولهم مؤلفات ونشرات ومواقع على الشبكة العنكبوتية ينشرون من خلالها باطلهم وإفكهم، واسمع ما يقوله صاحب موقع أهل القرآن د. أحمد صبحي منصور تحت عنوان شروط النشر: [أولا: شروط النشر على موقع أهل القرآن: موقع أهل القرآن تم إنشاؤه خصيصاً من أجل هدف واحد, وهو توحيد كلمة كل من يؤمن بالقرآن الكريم كمصدر ((أوحد)) لتعاليم الإسلام وتوجيهاته وتفسير تشريعاته ومنهاجه, ومن ثم فلن يسمح الموقع لمن يتخذ من ما يطلق عليه (الحديث النبوي أو السنة النبوية) وسيلة أو مرجعاً لإثبات وجهة نظر معينه أو تفسير آيات القرآن الكريم. ثانياً: منهج أهل القرآن، موقع (أهل القرآن) يفتح أبوابه لكل فكر حر بشرط ألاّ يسند الكاتب حديثاً لخاتم النبيين محمد عليه السلام عبر ما يعرف بالسنة، أو أن ينسب قولاً لله تعالى خارج القرآن عبر الأكذوبة المسماة بالحديث القدسي. حين تنسب قولاً للنبي محمد أو لله تعالى فستكون في مشكلة يوم القيامة. وحين ننشر لك هذا القول فقد وقعنا في مشكلة أكبر، ونحن لا نريد أن نكون في صف العداء لله تعالى ورسوله، ولا نريد أن ننشر الكذب على الله تعالى ورسوله.] http://www.ahl-alquran.com/arabic/aboutus.php. وهذه الأفكار تجد لها صدى عند بعض المتسلقين على أسوار العلم فكادوا أن ينسخوا ما كتبه هذا الضال ونشروه مع بعض التعديل والتحوير. ويلتقي القرآنيون ومن تسموا بأهل القرآن في قضية أخرى لا تخلو منها نشراتهم ومواقعهم على الإنترنت ألا وهي سب علماء الإسلام والطعن فيهم ووصفهم بأقذع العبارات، يقول د. أحمد صبحي منصور صاحب موقع أهل القرآن في حق أهل العلم [أما بالنسبة لمن ماتوا من أئمة التراث فلنا حرية الحكم عليهم بما كتبوا في كتبهم وأسفارهم، خصوصاً إذا كانوا يتمتعون بالتقديس بينما تحوي كتبهم الطعن في رب العزة جل وعلا والإسلام والقرآن وخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ... أولئك كذبوا على الله تعالى وعلى رسوله فيما يسمى بالسنة والحديث، وتلاعبوا بالكتاب العزيز فيما يعرف بالتفسير والتأويل وقاموا بحذف أحكامه بزعم النسخ، وكتبوا أقاويل تطعن في معظم سور القرآن وتشكك فيه تحت اسم (علوم القرآن) . وفى كل هذا اقترفوا أفظع ظلم لله تعالى وهو الافتراء الكاذب على الله والتكذيب بآياته] مع أن هذا الضال المضل يقول [لا يسمح بالهجوم على معتقدات الأديان والعقائد الأخرى بالسب أو التسفيه أو التشويه أو ما إلى ذلك] ويتناسى هذا الضال أن القرآن الكريم قد سفه تلك العقائد الباطلة كما قال تعالى {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} سورة المائدة الآية ٧٢. وقال تعالى {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} سورة المائدة الآية ٧٣. وقد تصدى عدد كبير من علماء الإسلام لهؤلاء القرآنيين وبينوا عوار أقوالهم وفندوها ودافعوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتسع المقام لإيراد هذه الردود ولكن أشير إلى بعضها: ١- شبهات القرآنيين لعثمان بن معلم محمود بن شيخ علي. ٢- شبهات القرآنيين حول السنة النبوية د. محمود محمد مزروعة ٣- دفاع عن السنة، د. محمد بن محمد أبوشهبة ٤- القرآنيون وشبهاتهم حول السنة خادم حسين إلهي بخش. ٥- السنة ومكانتها في التشريع د. مصطفى السباعي. ٦- منزلة السنة في الإسلام، وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن للعلامة محمد ناصر الدين الألباني ٧- الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية د. عبد العظيم المطعني. كما وأنوه إلى أنه يوجد على شبكة الإنترنت مقالات كثيرة في كشف ضلالات القرآنيين.

وأخيراً أذكر خاتمة بحث أ. د. محمود محمد مزروعة وعنوانه: شبهات القرآنيين حول السنة النبوية حيث قال: [وقد بان لنا من خلال البحث جملة من الحقائق عن هذه الطائفة نوجزها فيما يلي: أولاً: هذه الطائفة نشأت ابتداء على أيدي الإنجليز الذين كانوا يستعمرون الهند، فهي صنيعة من صنائع الكفار أعداء الله ورسوله والمؤمنين. وهي حركة من الحركات الكثيرة التي قام بها الإنجليز في هذه المنطقة لهدم الإسلام وتفريق المسلمين، من مثل " القاديانية " و "البريلوية" وغيرهما. ثانياً: أثبتنا عند حديثنا عن رؤوس هذه الحركة أنهم كانوا على اتصال دائم وقوى بالإنجليز، وكان الإنجليز وراء حركاتهم تلك، وكانوا يمدونهم بالعون المادي والمعنوي، بل كان بعض هؤلاء على اتصال بحركة المنصرين بالهند. ثالثاً: هذه الحركة بجميع طوائفها خارجة عن الإسلام، فاسقة عن الملّة، وإن زعمت لنفسها الإسلام، وانتسبت إلى القرآن. وإن انتسابها إلى القرآن باطل، لأنها كفرت بالقرآن في نفس اللحظة التي كفرت فيها بالسنة، فإنه لا تفرقة بين القرآن والسنة، فهما يخرجان من مشكاة واحدة، هي مشكاة الوحي الإلهي المعصوم. رابعاً: يتضح من كل ما تقدم أن هدف هؤلاء، والغاية التي يسعون إلى تحقيقها هو القضاء على الإسلام وتفريق الأمة المسلمة. وأن انتسابهم إلى القرآن إنما هو ستار يتخفون وراءه ليزاولوا تحت شعاره أنشطتهم الهدامة، وحركاتهم التخريبية.] ص٥٤.

وخلاصة الأمر أن حديث (يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) حديث صحيح وهو من علامات صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد ظهر القرآنييون ومن يتسمون بأهل القرآن المكذبين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال قائلهم د. أحمد صبحي منصور " القرآن وكفى" وجعل هذه العبارة عنواناً لأحد كتبه، ولقد أعظم الفرية على دين الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>