للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١ - أحكام الأضحية.]

يقول السائل: ما حكم الأَضحية وماذا يجب أن يتوفر فيها وما وقت ذبحها وكيف توزع؟

الجواب: الأضحية: هي ما يذبح من الأنعام تقرباً إلى الله تعالى يوم النحر وأيام التشريق ... وهي سنة مؤكدة عند جماهير أهل العلم وهي مشروعة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلاً وقولاً فقد ثبت في الحديث عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم (ضحى بكبشين أقرنين أملحين وكان يسمّي ويكبر) رواه البخاري ومسلم والأملح: هو النقي البياض. وعن عائشة رضي الله عنها: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها يا عائشة هلمي المدية ثم قال: اشحذيها بحجر ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد) رواه مسلم. وعن البراء بن عازب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم النحر فقال: (لا يضحين أحد حتى يصلي فقال رجل: عندي عناق لبن هي خير من شاتي لحم قال: فضحِ بها ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك) رواه مسلم. والأضحية قربة يتقرب بها العبد إلى ربه إحياء لذكرى إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل حيث فداه الله بذبح عظيم كما في أيات سورة الصافات (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ... ) إلى قوله تعالى: (وفديناه بذبح عظيم) .

وبما أنها قربة إلى الله تعالى فيجب أن تطيب بها نفس المضحي وأن تكون سمينة طيبة خالية من العيوب التي تنقص من قيمتها وقدرها ففي الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكبيرة التي لا تنقي) رواه أصحاب السنن وهو حديثٌ صحيح. ويقاس على هذه العيوب المذكورة في الحديث ما لم يذكر من العيوب الأشد فلا يضحى بالعمياء ولا الكبيرة ولا بالكسيرة ونحو ذلك. ومن الشروط التي يجب توفرها في الأضحية أن تبلغ سناً معينة حددها الشارع الحكيم ففي الإبل إتمام خمس سنوات من عمرها وفي البقر إتمام سنتين من عمرها وفي الغنم إتمام سنة من عمرها. وأجاز بعض أهل العلم في الضأن ما أتم أكثر السنة كثمانية أشهر إذا كان سميناً يخفى بين ما أتم السنة من الضأن. ووقت ذبح الأضحية يبدأ بعد الإنتهاء من صلاة العيد ويستمر حتى مغيب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق على الراجح من أقوال أهل العلم، أي أن مدة الذبح أربعة أيام، يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة.

ولا يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد فإن ذبح قبل صلاة العيد فلا تعتبر أضحية وإنما شاة لحم، كما جاء في الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء) رواه مسلم. وأما توزيع الأضحية فقد استحب بعض أهل العلم أن توزع أثلاثاً ثلث للأكل والإدخار وثلث للتصدق به على الفقراء وثلث هدية للأقارب والأصدقاء ومن المستحب أن يأكل المضحي من أضحيته اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم. ومن الأمور المستحبة أيضاً أن يتولى المضحي ذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح وإلا وكل بذبحها غيره، ويستحب له أن يشهد ذبحها.

ويستحب أيضاً فيمن أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره أو من أظافره شيئاً من بداية شهر ذي الحجة إلى أن يضحي لما ورد في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً حتى يضحي) رواه مسلم. والحكمة من ذلك أن يكون المضحي في أكمل هيئته فيغفر له غفراناً تاماً. ولا يجوز بيع أي شيء من الأضحية وكذلك لا يجوز إعطاء الجزار شيئاً منها على سبيل الأجرة. ولا بأس بالتضحية عن الميت على الراجح من أقوال العلماء وأن الميت ينتفع بذلك إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>