للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٥ - الأضحية عن الأسرة الواحدة.]

يقول السائل: نحن أسرة كبيرة مكونة من الوالدين وعدد من الأبناء المتزوجين وكلنا نسكن في بيت واحد ونأكل جميعاً فهل تجزىء عنا أضحية واحدة؟

الجواب: قال جمهور أهل العلم إن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت الواحد، فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت، تأدى الشعار والسنة بجميعهم، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والأوزاعي. المغني ٩/٤٣٨ المجموع ٨/٣٨٤. ويدل على ذلك ما يلي:

١. روى الترمذي بإسناده عن عُمارة بن عبد الله قال ? سمعت عطاء بن يسار يقول: سألت أبا أيوب ? كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه ابن ماجة ومالك. قال الإمام النووي: هذا حديث صحيح. والصحيح أن هذه الصيغة تقتضي أنه حديث مرفوع. وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ٢/٢٠٣.

٢. وروى ابن ماجة بإسناده عن الشعبي عن أبي سريحة رضي الله عنه - وهو صحابي شهد الحديبية - قال: (حملني أهلي على الجفاء بعد ما علمت من السنة. كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين والآن يُبَخِّلُنا جيراننا) . قال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله موثقون. ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد. المستدرك ٤/٢٤٥، صحيح سنن ابن ماجه ٢/٢٠٣.

٣. ومما يدل على ذلك حديث جابر بن عبد الله ? قال: (شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى في المصلى فلما قضى خطبته نزل من منبره وأُتِيَ بكبشٍ فذبحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: باسم الله والله أكبر، هذا عني وعمن لم يضح من أمتي) . رواه أبو داود في باب: الشاة يضحى بها عن جماعة وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/٥٤٠.

٤. وعن عبد الله بن هشام قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. المستدرك ٤/٢٥٥.

٥. وعن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأُتِيَ به ليضحي به فقال لها: يا عائشة هلمي المدية.

ثم قال: اشحذيها بحجر ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به) رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

قال النووي: [واستدل بهذا من جوَّز تضحية الرجل عنه وعن أهل بيته واشتراكهم معه في الثواب، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور ... ] شرح النووي على صحيح مسلم ٥/١٠٥ -١٠٦.

وقال الخطابي: [وفي قوله: (تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد) دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله وإن كثروا، وروي عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يفعلان ذلك، وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد، وكره ذلك الثوري وأبو حنيفة] معالم السنن ٢/١٩٧.

٦. ونقل ابن قدامة عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: [قلت لأبي: يُضَحَّى بالشاة عن أهل البيت؟ قال: نعم لا بأس. قد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين فقرَّب أحدهما فقال: بسم الله اللهم هذا عن محمد وأهل بيته. وقرَّب الآخر فقال: بسم الله اللهم هذا منك ولك عمن وَحَّدَكَ من أمتي] المغني ٩/٤٣٨.

وحكى عن أبي هريرة ?: (أنه كان يضحي بالشاة فتجئ ابنته فتقول: عني، فيقول: وعنك) المغني ٩/٤٣٨.

قال العلامة ابن القيم: [وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته ولو كثر عددهم] ثم ذكر حديث أبي أيوب السابق. زاد المعاد ٢/٣٢٣.

وقال الشوكاني: [قوله: (يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته) فيه دليل على أن الشاة تجزئ عن أهل البيت، لأن الصحابة كانوا يفعلون ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم والظاهر اطلاعه فلا ينكر عليهم ... والحق أنها تجزئ عن أهل البيت، وإن كانوا مئة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة] نيل الأوطار ٥/١٣٧.

وبهذا يظهر لي بأن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، مهما كان عددهم لقوة الأدلة على ذلك.

?????

<<  <  ج: ص:  >  >>