للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٦٦ - الميراث]

الوصية الواجبة,

يقول السائل: إذا توفي الرجل في حياة أبيه وترك أولاده فهل لهم نصيب من ميراث جدهم مع وجود أعمامهم؟

الجواب: إن الأصل في نظام الميراث الإسلامي أن هؤلاء الأولاد أي حفدة المتوفى لا يرثون شيئاً مع وجود أعمامهم أو عماتهم على قيد الحياة أي أنهم محجوبون بأعمامهم وعماتهم. ولكن قانون الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الشرعية أعطى لهؤلاء الحفدة نصيباً من الميراث وهو ما يعرف بالوصية الواجبة فقد جاء في المادة (١٨٢) من القانون المذكور لسنة ١٩٦٧ ما نصه: (إذا توفي أحد وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في تركته وصية بالمقدار والشروط التالية) سيأتي فيما بعد. وهذه الوصية الواجبة أول ما عمل بها كان ذلك ضمن قانون الأحوال الشخصية المصري الصادر ١٩٤٦ وكذلك عمل بها ضمن قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر سنة ١٩٥٣ وما زال معمولاً بها في بعض الدول العربية والإسلامية. والمستند الشرعي الذي اعتمده المشرعون للوصية الواجبة هو ما ذهب إليه بعض الفقهاء من التابعين وغيرهم من الأئمة كسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس وأحمد بن حنبل وداود الظاهري وابن حزم وابن جرير الطبري وغيرهم من أن الوصية واجبة للأقربين غير الوارثين أخذاً من قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) سورة البقرة آية ١٨٠.

وهذه الآية محكمة غير منسوخة كما رجحه كثير من المحققين من أهل التفسير وغيرهم فالأقارب من غير الورثة تجب لهم الوصية بمقتضى هذه الآية والحفدة من ضمن هؤلاء الأقارب غير الورثة أصلاً لوجود أعمامهم وعماتهم. يرى بعض العلماء المعاصرين أن الحكمة من تشريع نظام الوصية الواجبة هو الحفاظ على الأسرة موحدة ومتماسكة وأن فيها إقامة للعدل ومعالجة مظاهر الظلم وما ينتج عنها من بؤس وحرمان وفقر. ذلك أنه في حالات كثيرة يتوفى الابن قبل والده ويكون لذلك الوالد أبناء يمنعون أبناء المتوفى من الميراث وعندها يحرمون نصيبهم من مال ربما كان لأبيهم اليد الطولى في جمعه وتثميره فيؤول هذا المال إلى ملك الأعمام بحقهم في الميراث وينالون بسببه حظهم الوافر من المتاع الدنيوي وأبناء المتوفى إلى جانبهم يعانون شظف العيش وفي هذا تقطيع لآصرة ارحم وبعث الأحقاد واستشعار لمرارة الظلم والحرمان فجاء قانون الوصية الواجبة المستمد من نظرات صائبة لنفر من صالحي السلف فقهاء ومحدثين ليسد هذه الثلمة وليعالج مصدر من مصادر الشكوى التي غدت تتعالى وتتكر في مجتمعنا من خلال ما أذنت به مرونة آراء الفقهاء من تشريع (الوصية الواجبة) نظام الأسرة ٣/ ٥٩٢. وشروط استحقاق الوصية الواجبة كما ورد في قانون الأحوال الشخصية الأردني هي:

١. الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصة أبيهم من الميراث فيما لو كان حياً على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة

٢. لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إذا كانوا وارثين لأصل أبيهم جداً كان أو جدة أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته وإن أوصى لهم بأكثر فإن الزائد وصية اختيارية وإن أوصى لبعضهم فقد وجب للآخر بقدر نصيبه.

٣. تكون الوصية لأولاد الابن ولأولاد ابن الإبن وإن نزل واحداً كان أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين يحجب كل أصل فروعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط.

٤. هذه الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة. وينبغي أن يعلم أن الجد إذا لم يوصي لأولاد ابنه المتوفى في حياته فإن القاضي يفرض لهم تلك الوصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>