للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩ - اللحاق بالإمام في صلاة الجماعة]

يقول السائل: إذا دخلت المسجد أثناء صلاة الجماعة في صلاة العصر ووجدت الإمام في الجلوس الأوسط فهل ألتحق معه مباشرة أم أنتظر حتى يقوم إلى الركعة الثالثة، أفيدونا؟

الجواب: الأصل أن يلحق المصلي بالإمام في أي جزء كان الإمام من الصلاة، فإذا دخل المسجد فوجد الإمام ساجداً فليسجد معه ولا ينتظر أن يقوم من السجود وهكذا إذا أدركه في التشهد الأوسط فإنه يلتحق به فوراً ولا ينتظر حتى يقوم إلى الركعة الثالثة، قال الشيخ ابن حزم الظاهري: [واتفقوا أن من جاء والإمام قد مضى من صلاته شيء قلَّ أو كثر ولم يبق إلا السلام فإنه مأمور بالدخول معه وموافقته على تلك الحال التي يجده عليها ما لم يجزم بإدراك الجماعة في مسجد آخر] مراتب الإجماع ص ٢٥.

ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) رواه البخاري ومسلم.

وهذا الحديث يدل على أن المتأخر عن الصلاة يدخل مع إمامه مباشرة لقوله صلى الله عليه وسلم (فما أدركتم فصلوا) . ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح، وحسنه العلامة الألباني في صحيح أبي داود ١/١٦٩.

ويدل عليه أيضاً ما رواه الترمذي بإسناده عن علي وعن معاذ بن جبل رضي الله عنهما قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام) قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده إلا ما روي من هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم قالوا إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد ولا تجزئه تلك الركعة إذا فاته الركوع مع الإمام واختار عبد الله بن المبارك أن يسجد مع الإمام وذكر عن بعضهم فقال لعله لا يرفع رأسه في تلك السجدة حتى يغفر له) والحديث المذكور صححه العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي ١/١٨٣. قال صاحب تحفة الأحوذي: [قوله: (فليصنع كما يصنع الإمام) أي فليوافق الإمام فيما هو فيه من القيام أو الركوع أو غير ذلك، أي فلا ينتظر الإمام إلى القيام كما يفعله العوام]

وقال الأمير الصنعاني [وفي الحديث دلالة على أنه يجب على من لحق بالإمام أن ينضم إليه في أي جزء كان من أجزاء الصلاة فإذا كان الإمام قائماً أو راكعاً فإنه يعتد بما أدركه معه كما سلف فإذا كان قاعداً أو ساجداً قعد بقعوده وسجد بسجوده، ولا يعتد بذلك] سبل السلام ٢/٤٣٨.

ويؤيده ما رواه الإمام أحمد بإسناده في حديث طويل عن معاذ رضي الله عنه ( ... قال وكانوا يأتون الصلاة وقد سبقهم ببعضها النبي صلى الله عليه وسلم قال فكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء كم صلى فيقول واحدة أو اثنتين فيصليها ثم يدخل مع القوم في صلاتهم قال فجاء معاذ رضي الله عنه فقال: لا أجده على حال أبداً إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني. قال فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها قال فثبت معه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قام فقضى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد سنَّ لكم معاذ فهكذا فاصنعوا) ورواه أبو داود وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود ١/١٠٣.

وقال الشوكاني [ويشهد له أيضًا ما رواه ابن أبي شيبة عن رجل من الأنصار مرفوعاً: (من وجدني راكعاً أو قائماً أو ساجداً فليكن معي على حالتي التي أنا عليها) ، وما أخرجه سعيد بن منصور عن أناس من أهل المدينة مثل لفظ ابن أبي شيبة والظاهر أنه يدخل معه في الحال التي أدركه عليها مكبراً معتداً بذلك التكبير وإن لم يعتد بما أدركه من الركعة كمن يدرك الإمام في حال سجوده أو قعوده. .. .] نيل الأوطار ٣/ ١٧٢- ١٧٣.

وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ويستحب لمن أدرك الإمام في حال متابعته فيه وإن لم يعتد له به لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة) رواه أبو داود، وروى الترمذي عن معاذ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام) والعمل على هذا عند أهل العلم قالوا: إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد، ولا تجزئه تلك الركعة وقال بعضهم: لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له] المغني ١/٣٦٤.

وقال الإمام النووي [إذا أدركه في التشهد الأخير كبر للإحرام قائماً وقعد وتشهد معه ولا يكبر للقعود على الصحيح والتشهد سنة وليس بواجب على هذا المسبوق بلا خلاف ... ولا يقرأ دعاء الافتتاح في الحال ولا بعد القيام وسبق دليل الجميع وتحصل له فضيلة الجماعة لكن دون فضيلة من أدركها من أولها هذا هو المذهب الصحيح وبه قطع المصنف والجمهور من أصحابنا العراقيين والخراسانيين ... ] المجموع ٤/٢١٩.

وخلاصة الأمر أن من دخل المسجد فوجد الإمام ساجداً فليسجد معه ولا ينتظر أن يقوم من السجود وهكذا إذا أدركه في التشهد الأوسط فإنه يلتحق به فوراً ولا ينتظر حتى يقوم إلى الركعة الثالثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>