للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٦ - احتفال الشيعة بأربعينية الحسين رضي الله عنه]

يقول السائل: عرضت المحطات الفضائية مشاهد من احتفالات الشيعة في كربلاء بمناسبة أربعينية الحسين وقد شاهدنا أموراً غربية يفعلونها فما حكم الشرع في ذلك؟ الجواب: يجب أن يعلم أولاً أن الخلاف بين أهل السنة والشيعة خلاف في العقائد والأصول وليس خلافاً في الفروع كما يظن كثير من الناس فعند الشيعة الكثير من العقائد الباطلة ويعرف ذلك من يقرأ في مصادرهم المعتمدة وإن حاول بعض مراجعهم الدينية المعاصرون إخفاء ذلك أو عدم الحديث عنه وهم يفعلون ذلك انطلاقاً من مبدأ التقية وهي عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر بغير ما يبطنون ويقولون: (من لا تقية له لا دين له) . ومن مظاهر انحراف الشيعة عن دين الإسلام غلوهم الشديد في أئمتهم وقبور أئمتهم وما عرضته المحطات الفضائية غيض من فيض من الفظائع والمنكرات التي يفعلونها عند ما يسمونه العتبات المقدسة كما زعموا وليس من منهج الإسلام الصحيح شد الرحال والسفر إلى القبور ولا تقديسها ولا إقامة الشعائر الدينية عندها كما يفعل هؤلاء فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) رواه البخاري ومسلم. فهذا الحديث يدل على تحريم شد الرحال والسفر بقصد زيارة أي مسجد سوى المساجد الثلاثة لأنه لا يوجد لأي مسجد من مساجد المسلمين ميزة على مسجد آخر سوى المساجد الثلاثة المذكورة في الحديث فشد الرحال إلى مساجد كربلاء والنجف وقم باطل شرعاً هذا أولاً. وأما ثانياً فإنه لا يجوز شرعاً بناء المساجد على القبور وأن هذا كان من أسباب الشرك حيث عبد الناس أصحاب القبور من دون الله قال العلامة ابن القيم: [ومن أعظم مكايده

- أي الشيطان - التي كاد بها أكثر الناس وما نجا منها إلا من لم يرد الله تعالى فتنته: ما أوحاه قديماً وحديثاً إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور. حتى آل الأمر فيها إلى أن عبد أربابها من دون الله وعبدت قبورهم واتخذت أوثاناً وبنيت عليها الهياكل وصورت صور أربابها فيها ثم جعلت تلك الصور أجساداً لها ظل ثم جعلت أصناماً وعبدت مع الله تعالى. وكان أول هذا الداء العظيم في قوم نوح كما أخبر سبحانه عنهم في كتابه حيث يقول: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّءَالِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) سورة نوح الآيات ٢١-٢٤] إغاثة اللهفان ١/١٨٢-١٨٣. ثم قال العلامة ابن القيم: [فقد رأيت أن سبب عبادة ود ويغوث ويعوق ونسراً واللات إنما كانت من تعظيم قبورهم ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم قال شيخنا: وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك. فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين وتماثيل يزعمون أنها طلاسم للكواكب ونحو ذلك فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا نجد أهل الشرك كثيراً يتضرعون عندها ويخشعون ويخضعون ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله ولا وقت السحر ومنهم من يسجد لها وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد فلأجل هذه المفسدة حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقاً. وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته كما يقصد بصلاته بركة المساجد كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة فيها للشمس فنهى أمته عن الصلاة حينئذ وإن لم يقصد المصلي ما قصده المشركون سداً للذريعة قال: وأما إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركاً بالصلاة في تلك البقعة. فهذا عين المحادة لله ولرسوله والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن به الله تعالى. فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عند القبور منهي عنها وأنه لعن من اتخذها مساجد فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك: الصلاة عندها واتخاذها مساجد وبناء المساجد عليها وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه. فقد صرح عامة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة. وصرح أصحاب أحمد وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريم ذلك. وطائفة أطلقت الكراهة والذي ينبغي أن تحمل على كراهة التحريم إحساناً للظن بالعلماء وأن لا يظن بهم أن يجوزوا فعل ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن فاعله والنهي عنه. ففي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) وعن عائشة وعبد الله بن عباس قالا: (لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا) متفق عليه. وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله قال: (قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) . وفي رواية مسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) . فقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته ثم إنه لعن وهو في السياق من فعل ذلك من أهل الكتاب ليحذر أمته أن يفعلوا ذلك. قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً) متفق عليه. وقولها (خشي) هو بضم الخاء تعليلاً لمنع إبراز قبره. وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد) ] المصدر السابق ١/١٨٤-١٨٦. ثالثاً: إن بعض وسائل الإعلام أطلقت على ما فعله الشيعة في كربلاء وتجمع العدد الكبير منهم هناك بأنه حج إلى كربلاء وهذا من أبطل الباطل فلا يعرف للمسلمين حج إلا إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة ومن اعتقد بغير ذلك فهو خارج عن ملة الإسلام والمسلمين ويوجد في مصادر الشيعة بعض الروايات في هذا المعنى المنحرف منها ما يتضمن الاستغناء عن الحج فالذي لا يستطيع الحج يكفيه زيارة قبر الحسين فعن أبي عبد الله قال: (إذا أردت الحج ولم يتهيأ لك، فائت قبر الحسين فإنها تكتب لك حجة، وإذا أردت العمرة ولم يتهيأ لك فائت قبر الحسين فإنها تكتب لك عمرة) وسائل الشيعة ١٠/٣٣٢

بل تدرج بهم الغلو إلى الاعتقاد بأفضلية زيارة قبر الحسين في كربلاء على الحج فعن أبي عبد الله قال:

(من زار قبر " الحسين " يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم عليه السلام وألف ألف: عمرة مع رسول الله، وعتق ألف نسمة وحملان ألف فرس في سبيل الله، وسماه الله عز وجل عبدي الصديق آمن بموعدي وقالت الملائكة: فلان صديق زكاه الله من فوق عرشه، وسمي في الأرض كروبيا) وسائل الشيعة ١٠/٣٦٠. وفي هذا يقول علامتهم آية الله السيد عبد الحسين: (لقد جعل رب العالمين لطفاً بعباده قبر الحسين عليه السلام بدلا من حج بيت الله الحرام ليتمسك به من لم يوفق إلى الحج بل إن ثوابه لبعض المؤمنين وهم اذين يراعون شرائط الزيارة أكثر من ثواب الحج كما صريح الروايات الواردة في هذا المعنى) الثورة الحسينية ص١٥. بل زعموا أن الله ينظر إلى زوار الحسين يوم عرفة قبل أن ينظر إلى أهل عرفات، فعن أبي عبد الله قال: (قلت له - أي الراوي –: إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار الحسين عليه السلام عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف؟ فقال: نعم، قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأن في أولئك أولاد زناء وليس في هؤلاء أولاد زناء) وسائل الشيعة ١٠/٣٦١. وفي رواية: (إن الله ينظر إلى زوار قبر الحسين نظر الرحمة في يوم عرفة قبل نظره إلى أهل عرفات) الثورة الحسينية ص ١٥ ولا شك أن كل هذا من الكذب الواضح على دين الإسلام. قال صاحب تيسير العزيز الحميد: [وقد آل الأمر بهؤلاء الضلال المشركين إلى أن شرعوا للقبور حجاً ووضعوا لها مناسك حتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتاباً سماه " مناسك حج المشاهد " مضاهاة منه القبور بالبيت الحرام ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام ودخول في دين عبادة الأصنام فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده من النهي عما تقدم ذكره في القبور وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه ولا ريب أن في ذلك من المفاسد ما يعجز عن حصره.

فمنها: تعظيم المواقع في الافتتان بها ومنها اتخاذها أعياداً ومنها السفر إليها ومنها: مشابهة عبادة الأصنام بما يفعل عندها من العكوف عليها والمجاورة عندها وتعليق الستور عليها وعبادها يرجحون المجاورة عندها على المجاورة عند المسجد الحرام ويرون سدنتها أفضل من خدمة المساجد والويل عندهم لقيمها ليلة يطفىء القنديل المعلق عليها ومنها: النذر لها ولسدنتها ومنها: اعتقاد المشركين فيها أن بها يكشف البلاء وينصر على الأعداء ويستنزل غيث السماء وتفرج الكروب وتقضى الحوائج وينصر المظلوم ويجار الخائف إلى غير ذلك. ومنها: الدخول في لعنة الله ورسوله باتخاذ المساجد عليها وإيقاد السرج عليها ومنها: الشرك الأكبر الذي يفعل عندها] ص ٦٣٧-٦٣٨. ويجب أن يعلم أنه ليس لكربلاء ولا للنجف ولا لقم أي قداسة في دين الإسلام وهذه المواطن من ديار الإسلام ليس لها أي ميزة على غيرها من المواطن الأخرى وما يعتقده الشيعة من قداسة هذه المواطن فاعتقاد باطل وما يروونه من أحاديث وآثار في هذا الباب فكله من الكذب الصريح كما في حديثهم المكذوب: قال جعفر ((إن أرض الكعبة قالت من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري يأتيني الناس من كل فج عميق وجعلت حرم الله وأمنه. فأوحى الله إليها أن كفي وقري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر ولولا تربة كربلاء ما فضلتك ولولا من تضمه أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري واستقري وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاَ مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم)) كامل الزيارات ص ٢٧٠ بحار الأنوار للمجلسي ١٠١/ ١٠٩.

ومثل ذلك ما جاء في كتاب الكافي وهو من أهم مصادرهم: (إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها) وهذا من أكذب الكذب.

رابعاً: أما ما يفعله الشيعة من اللطم وضرب القامات بالسيوف ونحوها فمنكر عظيم ومن أعظم المحرمات وقد سبق أن ذكرت الأدلة على تحريمه في حلقة سابقة ويضاف إلى ذلك أن بعض مراجعهم قد سمى ذلك تخلفاً لما فيه من إساءة لدين الإسلام أمام الناس حيث إن هذا العمل لا يقره شرع ولا عقل بل هو نوع من الجنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>