للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسحت ما في يدي من إهالتها على جلدي، وكان قد قحل على عظمي حتّى كأنّه شنّ، ثم شربت ماء وخررت مغشيّا علي، فما أفقت إلى السّحر.

فقطع زياد الحديث وقال: لا عليك أن تخبرنا بأكثر من هذا، فمن المنزول به.

قلت: عامر بن الطّفيل. قال: أبو عليّ؟ قلت: أبو عليّ.

واستعادني الوزير أدام الله علوّه هذا الحديث مرّتين وأكثر التعجّب، وقال:

صدق القائل في العرب: منعوا الطّعام وأعطوا الكلام.

تغدّى أبو العيناء عند ابن مكرّم، فقدّم إليه عراقا «١» ، فلما جسّه قال: قدركم هذه طبخت بشطرنج «٢» ؟

وقدّم إليه يوما قدرا فوجدها كثيرة العظام، فقال: هذه قدر أم قبر؟

وأكل عنده أبو العيناء يوما، فسقي ثلاث شربات باردة، ثم طلب الرابعة فسقي شربة حارّة، فقال: لعلّ مزمّلتكم تعتريها حمّى الرّبع.

قال سلمة، بقي أبو القمقام ببغداد وكنّا نأتيه ونسمع منه، فجاءنا بجفنة فيها جوذاب فجعل أصحابنا يأكلون، ثم أتاهم بسفّود فيه يرابيع فسلتها في الجفنة، فعلم القوم أنّهم قد دهوا، فجعلوا يستقيئون ما أكلوا.

وقالت عائشة: رضي الله عنها: يا رسول الله، لي جارتان بأيّتهما أبدأ؟ قال:

«بأدناهما بابا منك» .

وقال حكيم: ينبغي ألّا يعطى البخيل أكثر من قوته، لحيكم عليه بمثل ما حكم به على نفسه.

وقال الشاعر:

أفلح من كانت له قوصرّه ... يأكل منها كلّ يوم مرّة

أفلح من كانت له مزخّه ... يزخّها ثم ينام الفخّه

أفلح من كانت له دوخلّه ... يأكل منها كلّ يوم ملّه

أفلح من كانت له هرشفّه ... ونشفة يملأ منها كفّه

أفلح من كانت له كرديده ... يأكل منها وهو ثان جيده

وقال أبو فرعون الشاشيّ يخاطب الحجّاج:

يا خير ركب سلكوا طريقا ... ويمّموا مكّة والعقيقا

وأطعموا ذا الكعك والسّويقا ... والخشكنان اليابس الرّقيقا

<<  <   >  >>