للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان مجلسك أشرف، ودولتك أعزّ، وأيّامك أدوم، ووليّك أحمد، وعدوّك أكمد. قال:

ما هذا الاسترسال كلّه إلى ابن شاهويه؟ وما هذا الكلف ببهرام؟ وما هذا التعصّب لابن مكيخا؟ وما هذا السكون إلى ابن طاهر؟ وما هذا التعويل على ابن عبدان؟ وما من هؤلاء أحد إلّا يريش عدوّه ويبريه ويضلّ صاحبه ويغويه. أما ابن شاهويه فشيخ إزراء «١» وصاحب مخرقة «٢» وكذب ظاهر، كثير الإيهام، شديد التمويه، لا يرجع إلى ودّ صادق، ولا إلى عقد صحيح وعهد محفوظ، وإنّما كان الماضي يقرّبه لغرض كان له فيه من جهة هؤلاء المخرّبين القرامطة، وكان أيضا مذموم الهيئة، فكان لا ينبس إلا بما يقوّيه ويحرس حاله، واليوم هو رخيّ اللّبب «٣» ، جاذب لكلّ سبب، وليس هناك كفاية ولا صيانة ولا ديانة ولا مروءة، وبعد، فهو مشؤوم نكد، ثقيل الرّوح، شديد البهت قوله الإفساد وعادته تأجيل المهنأ والشماتة بالعاثر والتشفي من المنكوب.

وأمّا بهرام فرجل مجوسيّ معجب ذميم، لا يعرف الوفاء ولا يرجع إلى حفاظ، غرضه أن يتبجّح في الدنيا بجاهه، ولا يبالي أين صار بعاقبته، وهو يحضّ «٤» مع ذلك عليه في كلّ ما هو مديره ومدبّره.

وأما ابن مكيخا، فرجل نصرانيّ أرعن خسيس، ما جاء يوما بخير قطّ لا في رأي ولا في عمل ولا في توسّط، وأصحابنا يلقّبونه بقفا وهو منهمك بين اللذائذ، همّه أن يتحسّى دنّ الشراب في نفس أو نفسين، ثم يسقط كالجذع اليابس لا لسان ولا إنسان.

وأما ابن طاهر فرجل يدّعي للناس أنّه لولا مكانته وكفايته وحسبه ورأيه ومشورته لكانت هذه الوزارة سرابا، وهذه المملكة خرابا، وهذا مع الشر الذي في طبعه وعادته، فإن جرى خير انتحله، وزعم أنه من نتائج رأيه، وإن وقع شرّ عصبه برأس صاحبه، وادّعى أنه استبدّ به، ومع هذا فهو يعيب هذه المراءاة.

وما أدري كيف استكفى هذه الجماعة حوله؟ وكيف يظاهر «٥» هو بها ويسكن إليها؟ وما فيهم إلّا من وكده الرجس والإفساد والأخذ بالمصانعة وإغراء الأولياء بما يعود بالوبال على البريء والسقيم وعلى الزكيّ والطّنين، هؤلاء سباع ضارية، وكلاب عاوية، وعقارب لسّاعة، وأفاع نهّاشة، وقى الله هذا الإنسان الحرّ المبارك الكريم

<<  <   >  >>