للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْآدَمِيِّ فَلَيْسَ لَهُ الْإِهْمَالُ مَعَ الطَّلَبِ لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّوْبِيخِ بِاللِّسَانِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَوْفِيَ لَهُ حَقَّهُ مِنْ تَعْزِيرِ الشَّاتِمِ وَالضَّارِبِ، فَإِنْ عَفَى الْمَشْتُومُ أَوْ الْمَضْرُوبُ كَانَ وَلِيُّ الْأَمْرِ بَعْدَ عَفْوِهِمَا عَلَى خِيَارِهِ فِي فِعْلِ الْمَصْلَحَةِ وَتَعْزِيرِهِ تَقْوِيمًا؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ مِنْ حُقُوقِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ أَوْ الصَّفْحِ عَنْهُ عَفْوًا، فَإِنْ تَعَافَوْا عَنْ الشَّتْمِ وَالضَّرْبِ قَبْلَ التَّرَافُعِ إلَيْهِ سَقَطَ مِنْ التَّعْزِيرِ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا عَزَّرَ الْإِمَامُ رَجُلًا فَمَاتَ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا وَلِأَنَّهُ ضَرْبٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ فَكَانَ مَضْمُونًا كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ وَالْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ، وَإِنَّمَا ضَمِنَا التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ تَأْدِيبٌ مَشْرُوطٌ فِيهِ السَّلَامَةُ فَإِذَا أَفْضَى فِيهِ إلَى التَّلَفِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الضَّرْبُ لَزِمَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يُصْلِحُهُ غَيْرُ الضَّرْبِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ فَعَلَ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا صِفَاتُ الضَّرْبِ فِي التَّعْزِيرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْعَصَا وَبِالسَّوْطِ الَّذِي كُسِرَتْ ثَمَرَتُهُ، لَا تَجُوزُ أَنْ يُبَلِّغَ بِتَعْزِيرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْهَارَ الدَّمِ، وَضَرْبُ الْحَدِّ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ فِي الْبَدَنِ كُلِّهِ بَعْدَ تَوَقِّي مَوَاضِعِ الْمَقَاتِلِ لِيَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ نَصِيبَهُ مِنْ الْحَدِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَسَدِ وَاخْتُلِفَ فِي ضَرْبِ التَّعْزِيرِ فَأَجْرَاهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَجْرَى ضَرْبِ الْحَدِّ فِي التَّفْرِيقِ وَجَوَّزَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ جَمِيعَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَسَدِ وَيَجُوزُ فِي مَكَانِ التَّعْزِيرِ أَنْ يُجَرَّدَ مِنْ

<<  <   >  >>