للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّهُ لَيَدْخُلَ إلَيْك الْمَرْأَةُ لِتَحْتَكِمَ مَعَ بَعْلِهَا وَمَعَهَا الطِّفْلُ فَيَبُولُ عَلَى الْحُصْرِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَمْشِي عَلَى النَّجَاسَاتِ وَالْقَذِرِ وَيَدُوسُ الْحُصْرَ بِنَعْلِهِ، وَإِنَّ الْأَصْوَاتَ لَتَرْتَفِعَ بِاللَّغَطِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ عَنْهُ، قَالَ فَنَهَضَ الْقَاضِي مِنْ وَقْتِهِ، وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا يَجْلِسُ فِي الْجَامِعِ لِلْقَضَاءِ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ فِي الْقُضَاةِ مَنْ يَحْتَجِبُ عَنْ الْخُصُومِ إذَا قَصَدُوهُ وَيَمْنَعُ النَّظَرَ بَيْنَهُمْ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْهِ حَتَّى تَقِفَ الْأَحْكَامُ وَتَتَصَرَّخَ الْخُصُومُ فَلِلْمُحْتَسِبِ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ مَعَ ارْتِفَاعِ الْأَعْذَارِ، وَلَا يَمْنَعُهُ عُلُوُّ مَرْتَبَتِهِ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ، فَقَدْ مَرَّ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْبَطْحَاءِ مُتَوَلِّي الْحِسْبَةِ بِجَانِبَيْ بَغْدَادَ بِبَابِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَّادٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي الْقُضَاةِ فَرَأَى الْخُصُومَ جُلُوسًا عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُونَ جُلُوسَهُ لِلنَّظَرِ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ وَهَجَرَتْ الشَّمْسُ فَوَقَفَ وَاسْتَدْعَى حَاجِبَهُ وَقَالَ تَقُولُ لِقَاضِي الْقُضَاةِ الْخُصُومُ جُلُوسٌ بِالْبَابِ وَبَلَغَتْهُمْ الشَّمْسُ وَتَأَذَّوْا بِالِانْتِظَارِ فَإِمَّا أَنْ تَجْلِسَ لَهُمْ أَوْ تُعَرِّفَهُمْ عُذْرَكَ لِيَنْصَرِفُوا وَيَعُودُوا.

وَمَتَى رَأَى الْمُحْتَسِبُ رَجُلًا يَسْفُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ يَطْعَنُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي حُكْمِهِ أَوْ لَا يَنْقَادُ إلَى حُكْمِهِ عَزَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا رَأَى الْقَاضِيَ قَدْ اسْتَشَاطَ عَلَى رَجُلٍ غَيْظًا وَيَشْتُمُهُ أَوْ يَحْقِدُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ وَدَّعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَوَعَظَهُ وَخَوَّفَهُ بِاَللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَلَا يَقُولُ هَجْرًا، وَلَا يَكُونُ فَظًّا غَلِيظًا، وَغِلْمَانُهُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَعْوَانُهُ إنْ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَسَنُ الصُّورَةِ لَا يَبْعَثُهُ الْقَاضِي لِإِحْضَارِ النِّسْوَانِ.

وَأَمَّا الْوُكَلَاءُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ، وَلَا مَصْلَحَةَ لِلنَّاسِ بِهِمْ

<<  <   >  >>