للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُكَلِّمُ امْرَأَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَهُ لَئِنْ كَانَتْ حُرْمَتَك إنَّهُ لَقَبِيحٌ بِك أَنْ تُكَلِّمَهَا بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حُرْمَتَك فَهُوَ أَقْبَحُ ثُمَّ، وَلَّى عَنْهُ، وَجَلَسَ لِلنَّاسِ، وَإِذَا بِرُقْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي حِجْرِهِ مَكْتُوبٍ فِيهَا

إنَّ الَّتِي أَبْصَرْتنِي ... سَحَرًا أُكَلِّمُهَا رَسُولْ

أَدَّتْ إلَيَّ رِسَالَةً ... كَادَتْ لَهَا نَفْسِي تَسِيلُ

فَلَوْ أَنَّ أُذْنَك عِنْدَنَا ... حَتَّى تَسَمَّعَ مَا تَقُول

لَرَأَيْت مَا اسْتَقْبَحْت مِنْ ... أَمْرِي هُوَ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ

فَقَرَأَهَا ابْنُ عَائِشَةَ، وَوَجَدَ عَلَى رَأْسِهَا مَكْتُوبًا أَبُو نُوَاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ مَا لِي، وَلِلتَّعَرُّضِ لِأَبِي نُوَاسٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ إنْكَارِ ابْنِ عَائِشَةَ كَافٍ لِمِثْلِهِ، وَلَا يَكُونُ لِمَنْ نُدِبَ الْإِنْكَارَ مِنْ وُلَاةِ الْحِسْبَةِ كَافِيًا، وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ أَبُو نُوَاسٍ تَصْرِيحٌ بِفُجُورِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَتْ شَوَاهِدُ حَالِهِ، وَفَحْوَى كَلَامِهِ يَنْطِقَانِ بِفُجُورِهِ، وَرِيبَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ مِثْلِ أَبِي نُوَاسٍ مُنْكَرًا، وَإِنْ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ مُنْكَرًا، فَإِذَا رَأَى الْمُحْتَسِبُ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ مَا يُنْكِرُهُ تَأَنَّى، وَفَحَصَ، وَرَاعَى شَوَاهِدَ الْحَالِ.

وَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا النِّسْوَانِ مِثْلُ سُوقِ الْغَزْلِ، وَالْكَتَّانِ، وَشُطُوطِ الْأَنْهَارِ، وَأَبْوَابِ حَمَّامَاتِ النِّسَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ

<<  <   >  >>