للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَجَوُّزًا فِيهَا، وَلَا خَرْقًا فِي مَنْصِبِهِ، وَلَهُ أَنْ يَبْحَثَ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ لِيَصِلَ إلَى إنْكَارِهَا، وَيَتَفَحَّصَ عَمَّا تُرِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ لِيَأْمُرَ بِإِقَامَتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا مَا بَيْنَ الْحِسْبَةِ، وَالْمَظَالِمِ فَبَيْنَهُمَا شَبَهٌ مُؤْتَلِفٌ، وَفَرْقٌ مُخْتَلِفٌ، أَمَّا الشَّبَهُ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا مِنْ، وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَوْضُوعَهُمَا مُسْتَقِرٌّ عَلَى الرَّهْبَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِسَلَاطَةِ السَّلْطَنَةِ، وَقُوَّةِ الصَّرَامَةِ.

وَالثَّانِي: جَوَازُ التَّعَرُّضِ لِأَسْبَابِ الْمَصَالِحِ، وَالتَّطَلُّعِ إلَى إنْكَارِ الْعُدْوَانِ الظَّاهِرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّظَرَ فِي الْمَظَالِمِ مَوْضُوعٌ لِمَا عَجَزَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، وَالْحِسْبَةَ مَوْضُوعَةٌ لِمَا رُفِعَ عَنْهُ الْقُضَاةُ.

[مَسْأَلَة الْفَرَق بَيْن الْمُحْتَسَب الْمُتَوَلِّي مِنْ السُّلْطَان وَبَيْن الْمُنْكَر الْمُتَطَوِّع]

وَأَمَّا مَا بَيْنَ الْمُحْتَسِبِ الْمُتَوَلِّي مِنْ السُّلْطَانِ، وَبَيْنَ الْمُنْكِرِ الْمُتَطَوِّعِ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ فَرْضَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلَى الْمُحْتَسِبِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَفَرْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ دَاخِلٌ تَحْتَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ.

الثَّانِي: أَنَّ قِيَامَ الْمُحْتَسِبِ بِهِ مِنْ حُقُوقِ تَصَرُّفِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ، وَقِيَامُ الْمُتَطَوِّعِ بِهِ مِنْ نَوَافِلِ عَمَلِهِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَنْصُوبٌ لِلِاسْتِعْدَاءِ إلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ إنْكَارُهُ، وَلَيْسَ الْمُتَطَوِّعُ مَنْصُوبًا لِلِاسْتِعْدَاءِ.

الرَّابِعُ: عَلَى الْمُحْتَسِبِ إجَابَةُ مَنْ اسْتَعْدَاهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ إجَابَتُهُ.

الْخَامِسُ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَى الْإِنْكَارِ أَعْوَانًا لِأَنَّهُ عَمَلٌ هُوَ لَهُ مَنْصُوبٌ، وَإِلَيْهِ مَنْدُوبٌ، وَلِيَكُونَ لَهُ أَقْهَرَ، وَعَلَيْهِ أَقْدَرَ، وَلَيْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّخِذَ لِذَلِكَ أَعْوَانًا.

السَّادِسُ: أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَزِّرَ فِي الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ بِهَا الْحُدُودَ، وَلَيْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يُعَزِّرَ.

السَّابِعُ: أَنَّ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَرْتَزِقَ عَلَى حِسْبَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَرْتَزِقَ عَلَى إنْكَارِ مُنْكَرٍ.

الثَّامِنُ: أَنَّ لَهُ اجْتِهَادَ رَأْيِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُرْفِ دُونَ الشَّرْعِ

<<  <   >  >>