للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَسْجِدِ، أَوْ الْمُعَلَّمِ عَلَى تَعْلِيمِ السِّحْرِ، أَوْ الْفُحْشِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ عَلَى السَّلْخِ، وَجَعَلَ الْإِجَارَةَ الْجِلْدَ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ صَادَفَ عَلَى اللَّحْمِ، وَالْجِلْدِ فَيَكُونُ عَامِلًا لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُصَادِفُ عَمَلُهُ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ حَامِلَ الْجِيفَةِ عَلَى حَمْلِهَا، وَيَجْعَلُ أُجْرَتَهُ جِلْدَهَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ نَجِسٌ لَا يُبَاعُ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى نَخْلِ الدَّقِيقِ، وَأُجْرَتُهُ النُّخَالَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا يَسْتَأْجِرُ عَلَى الطَّحْنِ، وَأُجْرَتُهُ جُزْءٌ مِنْ الدَّقِيقِ، وَيَسْتَنِدُ الْمَذْهَبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى «نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» ، وَهُوَ اسْتِئْجَارُهُ بِقَفِيزٍ مِنْ الدَّقِيقِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي النُّخَالَةِ، وَجِلْدِ الْمَسْلُوخَةِ.

وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيُزَيِّنَ بِهَا حَانُوتَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ التَّزْيِينَ مَعْنَاهُ أَنْ يَرَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَهُوَ تَلْبِيسٌ لَا يُبْذَلُ الْمَالُ لِأَجْلِهِ شَرْعًا، وَهُوَ تَوْجِيهُ مَنْعِ الْإِجَارَةِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَعَامًا لِيُزَيِّنَ بِهِ حَانُوتَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَاسْتُشْهِدَ بِهَا فِي تَوْجِيهِ الْإِفْسَادِ فِي الدَّرَاهِمِ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْمُصَوِّرِ عَلَى صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ اسْتِئْجَارُ الصَّائِغِ عَلَى صَنْعَةِ الْأَوَانِي مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْعَمَلُ، وَاجِبًا عَلَى الْأَجِيرِ، وَلَا يَكُونُ بِحَيْثُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ، وَغَسْلِ الْمَيِّتِ، وَحَفْرِ الْقُبُورِ، وَدَفْنِ الْمَوْتَى، وَحَمْلِ الْجَنَائِزِ، وَفِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى إمَامَةِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَعَلَى الْآذَانِ، وَعَلَى التَّصَدِّي لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ إقْرَاءِ الْقُرْآنِ خِلَافٌ، أَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ مَسْأَلَةٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ تَعْلِيمِ سُورَةٍ بِعَيْنِهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَصَحِيحٌ.

[فَصَلِّ الشَّرِكَة الْبَاطِلَة وَأَنْوَاعهَا]

(فَصْلٌ) : وَيُمْنَعُ مِنْ الشَّرِكَةِ الْبَاطِلَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

الْأَوَّلُ: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَخْلِطَا مَالَيْهِمَا، وَلَكِنْ يَقُولَا تَفَاوَضْنَا فِي

<<  <   >  >>