للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا اسْتَوَى أَعْلَاهُ، وَأَسْفَلُهُ فِي الْفَتْحِ، وَالسَّعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورَ الْفَمِ، وَلَا يَكُونَ بَعْضُهُ دَاخِلًا، وَبَعْضُهُ خَارِجًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشُدَّهُ بِالْمَسَامِيرِ لِئَلَّا يَصْعَدَ فَيَزِيدَ، أَوْ يَنْزِلَ، وَيَنْقُصَ، وَأَجْوَدُ مَا عُيِّرَتْ بِهِ الْمَكَايِيلُ الْحُبُوبُ الصِّغَارُ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ فِي الْعَادَةِ مِثْلُ الْخَرْدَلِ، وَالْبِرْسِيمِ، وَبِزْرِ قَطُونَاءَ وَالْكُسْفُرَةُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ فِي كُلِّ حَانُوتٍ مِنْ الْمَكَايِيلِ الصَّحِيحَةِ، مِكْيَالٌ، وَنِصْفُ مِكْيَالٍ، وَرُبُعُ مِكْيَالٍ، وَثُمُنُ مِكْيَالٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا بِخَتْمِ الْمُحْتَسِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى اتِّخَاذِ ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُجَدِّدَ النَّظَرَ فِي الْمَكَايِيلِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحِمْصَانِيِّينَ، وَالْفَوَّالِينَ، وَالْعَلَّافِينَ مَنْ يَأْخُذُ قِطْعَةَ خَشَبٍ يَحْفِرُهَا مِكْيَالًا فَيَكُونُ طُولُهَا شِبْرًا مَثَلًا، وَالْمَحْفُورُ مِنْ دَاخِلِهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَيَغْتَرُّ النَّاسُ بِسَعَتِهَا، وَطُولِهَا، وَلَا يَعْلَمُونَ الْمِقْدَارَ الْمَحْفُورَ، وَهَذَا تَدْلِيسٌ لَا يَخْفَى، وَيُرَاعَى أَيْضًا مَا يُلْصِقُونَهُ فِي أَسْفَلِ الْمِكْيَالِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُلْصِقُ أَسْفَلَهُ الْخُبْزَ فُجْلٍ، وَالْجِبْسَ الْأَسْوَدَ يُلْصِقُونَهُ لَصْقًا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْصِقُ فِي جَوَانِبِهِ الْكُسْبَ فَلَا يُعْرَفُ، وَلَهُمْ فِي مَسْكِ الْمِكْيَالِ صِنَاعَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْبَخْسُ فَلَا يَدَعُ الْكَشْفَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَأَمَّا الْكَيَّالُونَ فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَكْتَالُ مَا يَقْبِضُهُ زَائِدًا، وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ الْغَزْرُ، وَالطَّرْحُ، وَعِنْدَ الصَّرْفِ يَجْعَلُهُ نَاقِصًا، وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ الْمُشْفَقُ، وَقَدْ ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ فَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُحَذِّرَهُمْ، وَيُخَوِّفَهُمْ عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْبَخْسِ، وَالتَّطْفِيفِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ عَزَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَشْهَرَهُ حَتَّى يَرْتَدِعَ بِهِ غَيْرُهُ.

<<  <   >  >>