للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاصل الْفِتْنَة الاختبار والامتحان يُقَال فتنت الْفضة على النَّار إِذا خلصتها ثمَّ اسْتعْمل فِيمَا أخرجه الاختبار للمكروه ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله فِي أَبْوَاب الْمَكْرُوه فجَاء مرّة بِمَعْنى الْكفْر كَقَوْلِه والفتنة أكبر من الْقَتْل أَي ردكم النَّاس إِلَى الشّرك أكبر من الْقَتْل وتجيء للإثم كَقَوْلِه أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا وَمِنْه أصابتني فِي مَالِي فتْنَة وهموا أَن يفتتنوا فِي صلَاتهم أَي يسهوا ويخلطوا وَتَكون على أَصْلهَا للاختبار كَقَوْلِه إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة وَتَكون بِمَعْنى الإحراق بالنَّار كَقَوْلِه إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات أَي حرقوهم وَمِنْه أعوذ بك من فتْنَة النَّار وَقيل أَنَّهَا هُنَا على أَصْلهَا من التصفية لِأَن الْمُعَذَّبين بالنَّار من الْمُؤمنِينَ المذنبين إِنَّمَا عذبُوا من أجل ذنوبهم فكأنهم صفوا مِنْهَا وخلصوا فَسَأَلَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن لَا يكون من هَؤُلَاءِ وَكَذَلِكَ سُؤَاله لأمته ذَلِك لَكِن بِعَفْو الله وَرَحمته وتفريقه فِي الدُّعَاء بَين فتْنَة النَّار وَعَذَاب النَّار حجَّة لهَذَا الْقَائِل أَي مِمَّن يعذب بالنَّار عَذَاب الْكفَّار وَهُوَ حَقِيقَة التعذيب وَالْخُلُود وَقد بسطنا هَذَا وَالْفرق بَين عَذَاب المذنبين وَالْكفَّار فِي شرح مُسلم وَقَوله فِي خُرُوج النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وهم يصلونَ فكدنا نفتتن أَي نخلط فِي صَلَاتنَا ونذهل عَنْهَا وَقيل عَن سعد بن وَقاص فتْنَة الدُّنْيَا الدَّجَّال وَتَكون بِمَعْنى الْإِزَالَة وَالصرْف عَن الشَّيْء كَقَوْلِه وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك عَن الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك

(ف ت ش) قَوْله لم يطالنا فراشا وَلم يفتش لنا كنفا مذ أتيناه كِنَايَة عَن الْقرب مِنْهَا والكنف السّتْر وَهُوَ هُنَا الثَّوْب كنى بيفتش عَن الِاطِّلَاع على مَا تَحْتَهُ وَعَن إعراضه عَن الشّغل بهَا

(ف ت ى) قَوْله وَليقل فَتَاي وَفَتَاتِي قيل هُوَ بِمَعْنى عَبدِي وَأمتِي وَإِنَّمَا نهى عَن ذكر لفظ الْعُبُودِيَّة الْمَحْضَة إِذْ الْعُبُودِيَّة حَقِيقَة لله وَلَفظ الفتوة مُشْتَرك للْملك ولفتاء السن والفتى الشَّاب مَقْصُور والفتاء مَمْدُود الشَّبَاب قَالَ الله تَعَالَى) وَقَالَ لفتيانه اجعلوا بضاعتهم فِي رحالهم

(أَي لعبيده وَقَوله من كُنَّا افتيناه فتيا وَمَا هَذِه الْفتيا وتكرر هَذَا الْحَرْف فَإِذا كَانَ آخِره يَاء كَانَ بِضَم الْفَاء وَيُقَال فِيهَا الْفَتْوَى بِفَتْح الْفَاء وَالْوَاو وَأَصله السُّؤَال ثمَّ سمى الْجَواب بِهِ قَالَ الله) يستفتونك قل الله يفتيكم

(وَقَالَ) فاستفتهم ألربك الْبَنَات

(أَي سلهم وَقَوله أمثلي يفتات عَلَيْهِ مَذْكُور فِي الْفَاء وَالْيَاء لِأَنَّهُ معتل.

فصل الِاخْتِلَاف وَالوهم

قَوْله إِن شَيْطَانا جعل يفتك عَليّ البارحة كَذَا ذكره مُسلم يُقَال بِضَم التَّاء وَكسرهَا فسرنا الفتك لكنه هُنَا وهم وتصحيف وَالله أعلم وَصَوَابه رِوَايَة البُخَارِيّ تفلت عَليّ أَي توثب وتسرع لإِرَادَة ضرى وَقَوله

(الْحَرْب أول مَا تكون فتية)

تَصْغِير فتاة وَضَبطه الْأصيلِيّ فتية بِفَتْح الْفَاء وهما بِمَعْنى وَالْأول أشهر فِي الرِّوَايَة وأصوب لَا سِيمَا مَعَ قَوْله فِي الْبَيْت الثَّانِي

(ولت عجوزا

)

وَقَوله فِي كتاب الْجَنَائِز فِي حَدِيث رُؤْيَاهُ (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِي خبر الزناة فَإِذا فترت ارتفعوا كَذَا للقابسي وَابْن السكن وعبدوس وَعند أبي ذَر والأصيلي اقْترب وَعند النَّسَفِيّ وَإِذا وقدت ارتفعوا وَهُوَ الصَّحِيح بِدَلِيل قَوْله بعد فَإِذا خمدت رجعُوا فِيهَا

وَفِي بَاب وجوب النفير لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح كَذَا لَهُم وَعند الْجِرْجَانِيّ بعد الْيَوْم وَكِلَاهُمَا صَحِيح لِأَن فِي الحَدِيث أَنه قَالَهَا يَوْم الْفَتْح

وَفِي آخر كتاب الرقَاق أَو نفتن عَن ديننَا كَذَا لكافتهم وَفِي كتاب عَبدُوس نفتر بالراء وَالْأول أحسن وَأولى وأشبه بِالْحَدِيثِ

وَقَوله مَا فتحنا مِنْهُ من خصم إِلَّا انفجر علينا مِنْهُ خصم كَذَا فِي كتاب مُسلم وَهُوَ تَغْيِير وتصحيف وَصَوَابه

<<  <  ج: ص:  >  >>