للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبي عبيد الله الأفوه، وهاشم بن ناصح، وكان متكلّما رصينا، شاعرا مغلقا، وراوية ناسبا، ولم يقو أحد على المخمّس والمزدوج على مثل ما قوي عليه بشر، حتّى كان في ذلك أكثر من أبان بن عبد الحميد اللاحقي [١] ، لأنّ أبانا أنّما نقل كتاب «كليلة ودمنه» وبعض كتاب «المنطق» ، مخمّسا ومزدوجا فقط. وبشر أصحّ في أصناف الكلام ودقائق المعاني بالمخمّس، فلم يستكره قافية واحدة.

وهجاه معمّر بن عبّاد [٢] ومولى بني سليم ورئيس أصحاب المعاني وكان يكني بأبي عمرو وأبي المعتمر، بشعر فضح فيه المتكلّمين [٣] ، وهو أوّل شعر قال وآخره، وذلك أنّه قال:

وأبرص فياض ... لوجهه رياض

يرى السعاية فينا ... وقلبه ممراض


- استينجاس ٢١٢. وقد توفي سنة ٢٢٦ كما في لسان الميزان ٤: ٣٩٨. وانظر الملل والنحل ١: ٨٨، والمواقف ٦٢٢.
[١] أبان بن عبد الحميد بن لاحق بن عفير اللاحقي الرقاشي مولى بني رقاش. ونسبه إلى جده لاحق. وكان من ظرفاء الشعراء. ونقل للبرامكة كتاب كليلة ودمنة فجعله شعرا ليسهل عليهم حفظه، فأعطاه يحيى عشرة آلاف دينار، والفضل خمسة آلاف، ولم يعطه جعفر وقال:
ألا يكفيك أن أحفظه فأكون راويتك! الأغاني ٢٠: ٧٣. وذكره ابن النديم في الفهرست ١٧٢ وقال: «وكان شاعرا هو وجماعة من أهله، واختص هو من بين الجماعة بنقل الكتب المنثورة إلى الشعر المزدوج، فمما نقل كتاب كليلة ودمنة» . وقال في ٢٣٢: «شاعر مكثر وأكثر شعره مزدوج ومسمط» .
[٢] معمّر بن عباد السلمي، صاحب فرقة المعمرية من المعتزلة. ومعمّر هذا بتشديد الميم كما في الحيوان ٥: ٥٧٢ ولسان الميزان ٦: ٧١ حيث ترجم له وقال: إنه ناظر النظام ومات سنة ٢١٥.
[٣] يعني أنّ شعره لركاكته وضعفه كان سبه للمتكلمين، وكان أولى به أن يدع قول الشعر.

<<  <   >  >>